الأســيـــــــر

الكاتب المصرى : احمد عشرى

0

الحلقة السادسة

أقسم فايز وقسَّام بأنهما لم يكونا سبباً في غضب أمير كما أقسما بأن هناك سراً وراء إختفائه المفاجيء فذهبا إليه مرة أخري بمسجد الجرَّاح فوجداه وأخذا يمازحانه حتي يضحك فضحك منهما فقال له قسَّام لو إنت سيبتنا ومشيت مين اللي هيساعد العمة نصرة ويبعت الأكل والشرب للأبطال؟

وعقّب مش معقول تسيبها تعمل كل حاجة لوحدها فقال له فايز مش انت بتقول علي العمة نصرة دي أمك ؟

وأردف قائلاً هو فيه حد يسيب أمه اليومين دول بالذات ؟ ؟؟؟

فوقعت الجملة الأخيرة اليومين دول بالذات موقعها بقلب الأسير ثم قال له قسَّام أمك محتاجة لك فلسطين كلها محتاجة لك فأجهش الأسير في البكاء وفي هذه الأثناء دخل أبو لؤلؤة المسجد فلمحه الأسير قبل أن يتواري عن المشهد خلف حاوية نعال المصلين

فارتفع فجأة صوت الأسير وتغيرت نبرته وهو يقول لهما عملت لي أيه فلسطين بتاعتكو دي وأنا مرمي في السجن سبع سنين ؟؟؟

طب عملت أيه لابويا وامي وأخواتي لما ماتوا تحت الأنقاض ؟؟؟؟

وأخذ ينظر لهما كالمجنون فتركه فايز وتبعه قسَّام لحاله فتقدم أبو لؤلؤة علي الفور ليطرق علي الحديد وهو ساخن واحتد عليه الأسير قائلاً له قلت لك مش النهاردة فسأله أبو لؤلؤة طب إمتي ؟؟؟

رد عليه الأسير غاضباً يمكن بكرة ولا بعده وعقب قائلاً سيبني بقي دلوقتي فعاد أبو لؤلؤة خالي الوفاض مرة أخرى…

غضبت وحزنت العمة نصرة لما أصاب أمير وقالت للشيخ عمّار أنا خايفة أحسن يكونوا جننوه في السجن فقال لها الشيخ عمّار بلهجة المحنَّك المخضرم لا بالعكس أمير ده عاقل جداً بس أكيد فيه حاجة مش مفهومة في الموضوع برمِّته وده اللي محيرني!!!!

كان اللواء الطرفاوي يتحدث هاتفياً عن الطب والأدوية والمساعدات ثم قال يعني الطبخة إستوت ؟؟؟ وبدأ يضحك وأردف يعني نشمّر ونبدأ ناكل؟

إستيقظت عزة في اليوم التالي ولم تجد ناصر بجانبها فنظرت إلي الساعة وكانت تشير إلي السادسة صباحاًوبحثت عنه في كل مكان فتأكد لها أنه رحل !!

وفي السابعة صباحاً قام اللواء الطرفاوي بإستدعاء الأسير لإجتماع مغلق ليري ردَّة فعله حينما يري الملازم ناصر صلاح الدين لأول مرة فتأكد للأسير أن مصر تستطيع أن تغزو العالم برجالها عندما رأي صورة طبق الأصل له وكأنه يقف الآن أمام مرآه ولم يصدق نفسه وبعد قليل قال لهما اللواء الطرفاوي بصيغة الآمر …

ها يارجالة كل واحد فيكو عارف هيعمل أيه ؟؟؟

رد عليه الملازم ناصر وهو يؤدي التحية العسكرية قائلاً تمام ياافندم وقال الأسير أيضأ تمام ياافندم وعقّب الأسير قائلاً المرة دي بالذات أنا متأكد إن ربنا مش هيخذلنا وهينصرنا عليهم بإذنه فعاد الأسير إلي خيمة الإيواء حيث العمة نصرة وذهب الملازم ناصر إلي مسجد الشيخ جرَّاح ينتظر أبو لؤلؤة ليذهب به أينما يشاء

فأتي أبو لؤلؤة ووجده نائماً فأيقظه وسحبه ودخل ناصر داره فاستأذن منه قليلاً وابتعد حتي لا يسمعه الأسير وتحدث بهاتفه مع أحدهم ثم عاد قائلاً له دي بس مجرد إجراءات أمنية عشان نعبر من النفق وأردف قائلاً علي مانشرب كباية الشاي والنفق مش بعيد وأشار له علي موضع لفتحة النفق داخل غرفته الخاصة فقال له ناصر كل ده مش مهم .. أهم حاجة عندي الجماعة دول بيدفعوا كويس ولاّ أرجع أحسن ويادار مادخلك شر!!!!

فضحك أبو لؤلؤة قائلاً من الناحية دي إطّمّن قوي دي الفلوس كلها تحت رجلك ياأمير وكان ناصر يتحدث مع نفسه أحياناً فسخر منه أبو لؤلؤة قائلاً انت بتكلم نفسك فضحك ناصر قائلاً هو انت لاحظتني !!!!

رد أبو لؤلؤة قائلاً ماهم قالوا لي إنك ولامؤاخذة ساعات كده كنت بتكلم نفسك في السجن وبعد قليل سمحت له السلطات الإسرائيلية فنزل أبو لؤلؤة وتبعه ناصر وفي النفق طلب منه أبو لؤلؤة أن يستبدل ملابسه فرفض ناصر فقال له أبو لؤلؤة أنا عارف إن الهدوم دي عزيزة عليك وعارف قد أيه انت بتحبها بس إنت عامل فيها بصراحة زي البلياتشو واحنا دلوقتي رايحين نقابل ناس مهمين ومش معقول نقابلهم باللبس ده بالطو أزرق وبنطلون أحمر فأشار له ناصر بإصبعه علي عقله قائلاً المهم ده !! وبعد قليل قال له أبو لؤلؤة انت عارف مين اللي بعت لك الهدوم دي قبل ماتخرج من السجن ؟

رد ناصر لأ بصراحة مش عارف فقال له أبو لؤلؤة دي هدومي أنا وأنا اللي وصلتهم لك لإدارة السجن والأمارة في البنطلون نفسه وأشار له علي مكان قطع بالبنطلون فقال له ناصر أنا أول مرة آخد بالي إن البنطلون أصلاً مقطوع وكان النفق طويل جداً ولكنه تفرع إلي عدة طرق فقال له أبو لؤلؤة كل فرع من الفروع دي يوصلك لدولة ولم ينبس ناصر ببنت شفة والتزم الصمت وقتها فصعدا أخيراً إلي سطح الأرض وإذا به في قلب تل أبيب نفسها وتدخَّل هنيّة بنفسه لسرعة إجراءات الدخول وكان الميدان فارغاً من المارَّة عدا بعض الإعلاميين والمصورين الصحفيين

فتوجّهت إحدي المذيعات تتحدث اللغة العبرية لناصر وقد أعجبها منظره بملابسه المزركشة متعددة الألوان وأعطت أبو لؤلؤة علم مصر ليمزقه مقابل مئة شيكل فوافق علي الفور وقام بتمزيقه وطلب منها المئة شيكل وتوجهت المذيعة بعلم آخر وطلبت من ناصر أن يمزقه مقابل مئة شيكل أخري وكان قلب ناصر يعتصر حزناً وغضباً من أبو لؤلؤة

وقال لها بعصبية مفتعلة لأ حتي لو دفعتي لي ألف شيكل فجددت عرضها مقابل ألف شيكل ففرح أبو لؤلؤة بهذا العرض المغري فنظر إليه ناصر بإستياء ورفض أن يمس العلم قائلاً لأ ولا ألفين شيكل فعرضت عليه ألفان شيكل فتورد وجه أبو لؤلؤة حينما سمعها وهي تعرض ألفان فبدأت أنفاس ناصر تهدأ قليلاً وقال لها وهو يتصنع الضحك ولا حتي خمستلاف شيكل فعرضت عليه الخمسة آلاف شيكل فانبهر أبو لؤلؤة وتذكر ناصر أنه في مهمة رسمية فنحَّي العواطف جانباً فأخذ منها المبلغ ودسه بمعطفه الأزرق وقام بتمزيقه وكانت الكاميرات المعادية تقوم بتصوير المشهد وأذاعته بث مباشر علي كل القنوات وأخذ أبو لؤلؤة يتندَّر أمام جماعته بما فعله الأسير وما ربحه فور وصوله لتل أبيب …

وفي هذه الأثناء كان العميد الراوي يتابع الملازم ناصر خطوة بخطوة صوت وصورة من خلال أحد أزرار البالطو الأزرق صنع إسرائيل وكان العقيد شعلان يتابع أيضأ حياة الأسير بعد عودته لدار الشيخ عمّار حيث طلب منهم أمير الإنضمام لصفوف أبطال المقاومة مع قسَّام وفايز علي خط النار

وبكرة نكمل

اترك رد