أمانة الكلمة

أ.د إبراهيم درويش يكتب:

0

للأسف البعض لا يدرك معنى. الكلمات التى تخرج من فمه .. أو يخطها بيده ..

فبعض الكلمات .قاتلة … وكاذبة ..تقطع الاواصر … وتشتت الارحام .. وتوغر القلوب وتدمر العلاقات الإنسانية

تصيب القلب قبل أن تصيب الجسد ..

وأصحاب هذه الكلمات. أما أصحاب نوايا خبيثة أو قلة فى التعليم أو فاقدين لغة الحوار …

لكن الأهم أنهم قبل كل هذا فقدوا الأدب والبصيرة . لانهم .لايدركون معانى الكلمات ودلالتها .. ولا تأثيرها على النفوس

او يدركون ..ولكنهم مستمتعون ..بتمزيق المجتمعات ..ونشر الكراهية

وهؤلاء كلماتهم قد تهوى بأصحابها إلى قاع جهنم .. أو اسفل سافلين

يقول معاذ بن جبل رضى الله عنه يا نبيَّ اللهِ، إِنَّا لمؤاخَذونَ بما نتَكلَّمُ بِه؟ قال: ثَكلتكَ أمُّكَ يا معاذُ، وَهل يَكبُّ النَّاسَ في النَّارِعلَى وجوهِهِم، أوعلَى مناخرِهم، إلَّا حصائدُ ألسنتِهم)

وعن النبيّ ﷺ قَالَ: إنَّ الْعَبْدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ تَعَالى مَا يُلقِي لهَا بَالًا يَرْفَعُهُ اللَّه بهَا دَرَجاتٍ، وَإنَّ الْعبْدَ لَيَتَكلَّمُ بالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ تَعالى لا يُلْقي لهَا بَالًا يهِوي بهَا في جَهَنَّم….

–:-::——–:::——–

أما الكلمة الطيبة…. فهى جابره للقلوب …ساترة العيوب تريح النفس وتضمد الجروح ….تزيد الروابط وتقوى الصلات …

ولذلك من جميل الكلمات التى تدل على. حسن تخير الكلمات

أن قيل لرجل : ما نراك تعيب أحدا ؟ فقال : لست راضيا عن نفسي حتى أتفرغ لذم الناس… فمن منا بلا خطيئة ؟.

ومن منا معصوم .؟وصدق قول المسيح عليه السلام (من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر) كلمة رواها أحد الأناجيل عن المسيح (عليه السلام)، في قصة امرأة متهمة بالفاحشة، وأرادوا رجمها، وأرادوا أن يحرجوا المسيح بأن يشارك هو في رجمها، أو أن يقف موقف المعترض على شريعة موسى (عليه السلام)….

وما أكثر الراجمين اللآن بدون تثبت أو دليل. ..والملقين التهم بدون دليل .. ومروجى الفتن والاشاعات

انتقاء كلماتك….. تدل عليك وتظهر ثقافتك ورجاحة عقلك…

يقولون قال الولد الصغير الذى لايدرك معنى الكلمات لأبيه .. ياأبتى إن صاحب القمامة عند الباب …فرد الأب عليه معلما حسن الفهم و حسن الكلام يا بني نحن أصحاب القمامة..وهو صاحب النظافة جاء ليساعدنا…..

وقبل أن نطالب الآخرين بنظافة قلوبهم لنا.. علينا ان نطهر قلوبنا أولا.

..ولذلك يقال نحن لا يحتاج الإنسان إلى شوارع نظيفةليكون محترما ،….

ولكن الشوارع تحتاج إلى أناس محترمين لتكون نظيفة..

أى أن البداية تكون من داخلك ومن ذاتك ..

إبدأ ..بنفسك قبل أن تطلب من الآخرين ..

نقول ذلك لأننا للاسف أصبحنا كلنا منظرين…. لايعجبنا أحد وأصبحنا كلنا حكام على الناس .. لذلك قيل كن في الحياة كاللاعب وليس كالحكم. لأن الأول يبحث عن هدف ..و الآخر يبحث عن خطأ.

ومهما كانت المواقف .. فالكلمة الطيبة مع الصبر ستلين القلوب يقولون إن الماء لا ينحت الصخر بقوته ولكن بتواصله واستمرار جريانه ، فالكلمة البسيطة والأفعال الطيبة بدوامها تفتح القلوب وتذيب الصخور..

يقول تعالى فى سورة إبراهيم

﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ … تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ

..وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ…. يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآَخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ .

والصبر والقدره على إخراج الكلمات الطيبة فى ظل الاخلاق الخبيثة والمواقف المؤسفة .يحتاج إلى جهاد النفس ودرجة عالية من درجات الايمان .نسأل الله فى رمضان أن يقوى عزيمتنا فى القدرة على التغير للأفضل

فاللهم ارزقنا الكلمة الطيبة والأخلاق الفاضلة وجنبنا أصحاب النوايا الخبيثة . وإجعلنا من أهل النفوس الطاهرة ، والقلوب الشاكرة والوجوه المستبشرة الباسمة ، وارزقنا طيب المقام وحسن الختام . وتقبل منا الصيام والقيام . .و صل اللهم وسلم وزد وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..

 

بقلم .. ا.د / إبراهيم حسينى درويش أستاذ المحاصيل ووكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية

اترك رد