تأثير الدراما العنيفة على ارتفاع معدلات الجريمة في المجتمع

دكتورة عبير فاروق عبدالعزيز تكتب:

0

يُعتبر المحتوى الذي يحتوي على مشاهد عنيفةٍ ودمويةٍ من المشاهد التي تؤثر على الإنسان تأثيرًا سيئًا جدًّا، حيث إنها تترك أثرًا سلبيًّا على نفسيته وصحته العقلية، وخصوصًا عندما يكون المسلسل أكثر إثارة ،إنها فكرة دس السم فى العسل فى المجتمع وزيادة معدل الجريمة، بسبب مشاهدة مثل هذه المسلسلات، وبعد كل هذة الجرائم التى يشاهدها الناس بالتفاصيل، يُعدَم بطل العمل الفني (القاتل أو المجرم) في مشهدٍ واحدٍ لا يستغرق دقيقةً. رفقًا بالشباب، رفقا بالمجتمع.

نعم، يؤثر التلفزيون على سلوك أفراد المجتمع، بما في ذلك التنمر، والعنف، والشغب، وانتشار المخدرات، والتحرش، بالإضافة إلى انهيار وتفكك الأسرة، وارتفاع معدلات الطلاق، وانتشار أفكار الخيانة الزوجية، بالإضافة إلى القيم والسلوكيات التي يروج لها والغريبة عن المجتمع ،ومن هنا يجب على صُنَّاع الأعمال والمنتجين أن يتحملوا مسؤولياتهم الاجتماعية، وأن يخلقوا محتوى يفتح الآفاق الفكرية، ويحترم عقول المشاهدين، ويساهم في رفع مستوى الوعي العام،

ويبدأ ذلك الأمر بتوعية الجمهور حول تأثير تلك المشاهد القاسية، ودورها في رفع نسبة العنف في المجتمع، بالإضافة إلى التأكيد على الأهمية الحقيقية لتقديم محتوى يقوم بترفيه الناس بدون اللجوء إلى مشاهد عنيفة وإيذاء الناس لتحقيق النجاح، ويجب علينا جميعًا التفكير بعقليةٍ غير منتقدةٍ حول نوعية المحتوى الذي نستهلكه، ومن ثم تشجيع صناع الأعمال الفنية، والإعلاميين، والمنتجين لتقديم الأفضل دائمًا، والحفاظ على سمعتهم ومكانتهم في المجتمع، وذلك من خلال تقديم محتوى ثريّ بالثقافة، والفن، والأخلاقيات المرموقة.

يجب أن نتذكر جميعًا أن البعد عن المحتوى الذي يحتوي على مشاهد عنيفة ودموية هو خطوةٌ نحو بناء مجتمعٍ أكثر صحةً (وخاصةً من الناحية النفسية)، وتعزيز كياننا الإنساني. ينبغي علينا جميعًا أن نتذكر دائمًا أننا مسؤولون عما نختار مشاهدته، وعن تأثيره على حياتنا ومجتمعنا، حيث تعتبر الأعمال التمثيلية قوةً لتحقيق التغيير، وزيادة الوعي بين الناس، لأنها ببساطة شديدة هي القوة الناعمة يا سادة، سواء بالسلب أو بالإيجاب.

قد يكون من المفيد في المقال لفت الانتباه إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه صُنَّاع الأعمال الفنية في تقديم محتوى مسلي وذات جودة ٍعاليةٍ، يرتقي بالوعي العام، ويحترم عقول المشاهدين، حيث يمكنهم تقديم القصص التي تعكس القيم الإيجابية، كقصص الأنبياء، والسيرة النبوية الشريفة، وسير الصحابة والتابعين والصالحين، بشرط عدم تزييف الحقائق أو الاعتماد على مصادر تاريخية كاذبة أو غير موثوقة، وأيضًا يجب عليهم نشر الأعمال الفنية التي تعمل على تشجيع التفكير النوعي والتعايش السلمي، كالأعمال التي تناقش الحب، والعطف، والعدالة، وقيم العائلة، والتأثير الإيجابي على المجتمع بالتركيز على العلاقة بين المشاهد العنيفة وانتشار العنف والبلطجة في المجتمع، قد يثير هذا الجانب القلق والتفكير لدى القراء، ويحثهم على التفكير في الآثار السلبية لمشاهدة المحتوى العنيف وتأثيرها على حياتهم وعلى المجتمع بأسره،

وفي النهاية، نناشد الجهات الرقابية بأن تكثف رقابتها على الأعمال الدرامية التي تُعرَض على شاشاتنا، وخصوصًا في الفترة الأخيرة، حيث إن دورهم مهم جدًّا في محاربة هذا الوباء المنتشر على الشاشات، والذي يعد هو السبب الرئيس في ارتفاع معدلات الجرائم واستخدام العنف في المجتمع.

اترك رد