الحلقة 41 لوحة تذكارية

0

“أنا… تبا”.
غضب سامي شداد لدرجة أنه كاد يتعرض لسكتة قلبية.
هؤلاء الأوغاد . هل هم أغبياء؟ إذا كانوا يقدمون نخبي، فكيف لا يعرفونني؟
إذا لم يعرفوا من أنا، فلماذا يقدمون نخبي !
” هذا لقاؤنا الأول، لذلك من الطبيعي أنكم لا تستطيعون التعرف عليه”.
قالت ياسمين وبابتسامة على وجهها لتقديم صهرها إلى المدراء: “اسمحوا لي
أن أقدم لكم هذا الشخص إنه صهري سامي شداد، ابن مروان شداد، مالك
شركة الغلا للعقارات. يمكنكم أن تنادوه بالسيد شداد.
هو السيد شداد؟”.
“إذا من هذا الشخص الآخر؟”.
وقع مديرو الفندق في حيرة. لماذا ثمة سید شداد آخر؟
” ما الأمر يا سيد صياد…؟”.
نظر مدير الفندق علي لحام إلى سامي صياد في حيرة.

لكن سامي صياد غمز للمدير العام وقال : ” إن البطل الحقيقي لا يكشف عن
هويته، والشخص الذي يدعي أنه ذو قيمة ليس يبطل حقيقي. لذلك لماذا لا
تنظاهرون جميعكم بأنه السيد شداد وتقدمون نخبكم له.
فهم علي لحام معنى كلام السيد صياد في الحال. ثم التفت لينظر إلى فارس
بابتسامة غامضة على وجهه وقال ضاحكا: ” حسنا فهمت. لقد فهمت”.
حسنا إذا، دعونا ننهي مشروباتنا”.
ضحك علي لحام والمديرون التنفيذيون قبل أن يشربوا كؤوسهم.
” السيد لحام، بخصوص ما قلته سابقا. هل هذا وعد؟”. سألته ياسمين بعد أن
انتهى علي لحام والمديرون التنفيذيون الآخرون من مشروباتهم.
“ما الذي قلته؟”.
عن الوجبات المجانية للسيد شداد؟”.
“نعم، بالطبع. من دواعي فخرنا أن يزورنا السيد شداد. لن نكتفي فقط
بالوجبات المجانية، بل سنقدم أيضا الوجبة الإمبراطورية. كما سنقدم مشروبات
مجانية ويمكنه شرب ما يريد.
يجب أن يعطي الإنسان قبل أن يأخذ من أجل تعزيز العلاقات مع فارس،
استعد المديرون التنفيذيون لبذل جهد كبير.

بعد أن انتهوا من تقديم النخب غادر اللحام مع المديرين التنفيذيين الآخرين.
وغادر سامي صياد أيضا الغرفة للرد على مكالمة هاتفية. قررت ياسمين التي
حاولت كبت عواطفها استغلال الفرصة للتباهي.
” انظروا انظروا كم يحترمون سامي شداد.
“عندما نذهب لتناول الوجبات المجانية في المستقبل، سنتلقى أيضا مشروبات
مجانية تبلغ قيمتها عدة مئات الألاف”.
من
لم يكن بوسع آل كارم الآخرين سوى حسدهم والغيرة منهم.
تنا الأثرياء محظوظون. ففي كل مكان ثمة أشخاص على استعداد لتملقهم.
أبدى العديد من آل كارم إعجابهم بسامي شداد حتى الأخ الأكبر لآل كارم،
أشاد
سمير
به بشدة رائع يا سامي حتى آل صياد يجب أن يحترموك. عندما
أذهب لأعمالي، يمكنني أن أرفع رأسي عاليا لأنك ابن أخي”.
ا عمي .
سمير، أنت
رسمي جدًا. نحن عائلة واحدة. إذا واجهت أي مشكلة لا
تستطيع التعامل معها، اتصل بي. سأدبر كل شيء بمكالمة هاتفية واحدة فقط”.
لم يتوقف سامي شداد عن التفاخر، وظل يفعل ذلك على طاولة الطعام. واحدًا
تلو الآخر، رفع آل كارم نخبهم له من الواضح من كلامهم أن ذلك مجرد تعلق
منهم.
على عكس الضجيج حول سامي، كانت الأمور هادئة حيث جلس فارس. لم
يقدم أحد له أو لزوجته نخبًا. لقد تجاهلهما الجميع.

بقي فارس هادئا واصل شرب الشاي. ولكن عندما نظرت كاميليا إلى المعاملة
التفضيلية لسامي، لم تستطع تجنب الشعور بالظلم.
في النهاية، من أجل إخفاء إحراجها، أخذت كاميليا عصي الطعام وحاولت
التقاط بعض الطعام.
لم تنجح عندما حاولت الحصول على بعض السمك، قام شخص . ما
بتدوير
الطاولة الدوارة ونقل طبق السمك بعيدا عنها. لذا لم تملك كاميليا خيار سوى
اختيار طبق الخضار. ولكن للأسف، بمجرد أن مدت عصي
الطعام لالتقاط
الطعام، قام شخص ما بتدوير الطاولة مرة أخرى. هذا جعلها تشعر بالمزيد من
الإحراج.
“أنتما زوج من الحقراء الأشقياء هل تريدان الطعام المجاني؟ توقفا عن الحلم
.. ابتسمت ياسمين بغطرسة وواصلت تدوير الطاولة الدوارة بدت عازمة على
منع كاميليا من الوصول إلى الطعام.
تحدث فارس فجأة قائلا: “هل ترغبين ببعض السمك يا كاميليا؟ لماذا لم
تخبريني؟”. ثم امتدت يده بسرعة كالقطة، وتمكن من التقاط قطعة
بعصا الطعام، ووضعها على طبق كاميليا.
السمك
من
أغضب هذا التصرف ياسمين والتي ردت بتهكم على الزوجين قائلة: “إذا قمت
بإطعام الكلب سيهز ذيله وينبح للتعبير عن شكره. لكن بعض الناس لا يعرفون
الخجل حقا. لم يقولوا كلمة شكر ،واحدة بعد أن اشتهوا الطعام والمشروبات
المجانية. وحتى اختاروا الأشياء المكلفة”.
“كم هم
أنانيون؟”.

على الرغم من أن ياسمين لم تذكر الأسماء، إلا أن كل من الحاضرين عرف من
قصدت.
“هذا صحيح . لم ترغب في أن يأتوا لكنهم تبعونا بشكل لا يعقل. والآن، يأكلون
طعام زوجي ويشربون شراب زوجي ويشاركونه في الأضواء. ولكن لم يدفعوا
سنقا واحدًا، بل يجلسون هناك ويبدون متكبرين، يجب أن يظل هؤلاء الناس
فقراء ولا فائدة لهم طوال حياتهم”.
في ذلك الوقت، غادر سامي شداد الغرفة لاستخدام المرحاض. هدأت يارا
ووالدتها قليلًا، لكنهما واصلتا الابتسامة الساخرة إلى فارس وزوجته.
شحبت كاميليا أكثر وأكثر. شعرت كما لو كانت تجلس على سرير من الدبابيس.
عبس فارس ووضع كوب الشاي على الطاولة، ثم نظر إليها وقال بصوت بارد
“هل تبحثين عن المتاعب؟”.
” هل غضبت؟”.
قالت يارا بسخرية : “لا، لن نجرؤ على ذلك فأنت رائع جدا. أنت المشهور بأنك
الصهر الذي يعيش في بيت حماه في مدينة نصر. فحتى لو بحثنا في آلاف
المرشحين، لن نجد شخصا رائعًا مثلك. أنت حقا تستحق منصب الصهر الذي
يعيش في بيت حماه. أنا أخت زوجتك الصغيرة، لذا بالتأكيد لا أجرؤ على إثارة
مشاكل معك”. أثارت كلمات يارا المحملة بالسخرية الضحك في آل كارم.
احتدت نظرة فارس أكثر. كاد أن يقوم من مقعده لكن كاميليا منعته وهزت
رأسها.

في : هذه الظروف سيجعل الخلاف مع أقاربهما الأمور تسوء أكثر بالنسبة
لكليهما.
في تلك اللحظة، فتحت الأبواب ودخل رجل في منتصف العمر إلى قاعة الطعام
بمرافقة حراسه بخطى سريعة.
بدا ذلك الرجل وكأنه رجل أعمال ناجح ظهرت عليه هيئة الشخص المعتاد على
القيادة وبجانبه، بدا سامي صياد كالطفل. ثم سار كلاهما مقا.
الوافد الجديد لم يكن سوى ياسر صياد رئيس عائلة صياد ووالد سامي صياد.
لم يتوقف ياسر عند طاولة الطعام بل ذهب إلى المنصة وتحول لينظر إلى
فارس قائلا: “السيد والسيدة شداد جعلتكما تنتظران، تأخرت لأن لدي بعض
الأعمال للقيام بها. أرجو أن تسامحوني”.
لدي سبب واحد فقط لإقامة هذا الحفل اليوم وهو أن أعتذر للسيد والسيدة
شداد. فشلي في تربية ابني جعله يسيء إلى السيدة شداد وفي النهاية أغضب
السيد شداد. أنا صادق في أسفي”.
“هنا، أنا وابني غير الجدير سنقدم اعتذارنا للسيد والسيدة شداد”.
بمجرد انتهائه من الكلام انحنى ياسر وابنه أمام الجميع. وأثناء ذلك، بدت
عيونهم مليئة بالندم الصادق.
ماذا يحدث يا يارا؟ متى أساء سامي صياد لك؟”. ارتبك آل كارم ونظر
جميعهم إلى يارا

شعرت يارا نفسها بالحيرة. لم تتذكر موقفًا أساء سامي صياد لها فيه. لكنها
ابتسمت وقالت لأقاربها: “ربما” يتحدثون عن تلك المرة عندما داس فيها من غير
قصد على قدمي. ليس أمزا مهما ولقد نسيته بالفعل”.
عندما سمع آل كارم هذا نظروا إلى بعضهم البعض.
بدت رائعة !
فقط لأن سامي صياد داس عن طريق الخطأ على قدم يارا أراد آل صياد ترتيب
حفل للاعتذار. كم من النفوذ لدى سامي . شداد؟
“وأخيرًا، للتعبير عن اعتذاري الصادق، أود تقديم لوحة أثرية للسيد شداد. آمل
أن تقبل هذه الهدية المتواضعة”.
وقف ياسر وقفة الذليل المذنب ثم فتح بعناية صندوق خشبي. واستخرج منه
لفافة، فردها أمام الجميع.
على تلك اللفافة رسمت لوحة . كانت صورة مساءً خريف متأخر. يمكن فيها
رؤية رجل يستند إلى عكازة عائدًا إلى المنزل بعد زيارة شخص ما أو مكان ما
في الجبال بعثت اللوحة على الفوضى، لكن تكوينها متقنا وتصميمها أنيقا
ومدمجا بدت بعض مناطق اللوحة متناثرة، بينما بدت الأخرى مدمجة، تمكن
الرسام من دمج الجانبين بمهارة. يمكن للشخص أن يعرف بلمحة واحدة أن
اللوحة ثمينة للغاية.
“هل يمكن أن تكون هذه اللوحة هي “زيارة النائي بجانب الأنهار”؟ رسمها
شخصيا أحد أربعة أسياد . سلالة
من محمود، براء العسلي؟”.

سمعت أنها ظهرت قبل ثلاث سنوات في المزاد الذي عقد في مدينة العزيزية
في مقاطعة المقطم. تم بيعها لرجل أعمال غامض بسعر فلكي قدره عشرون
مليونا. وحققت رقما قياسيا جديدًا وصدمت عالم جمع القطع الفنية بأكمله في
مقاطعة المقطم
لا تخبرني إن الرجل الغامض الذي اشترى اللوحة هو السيد صياد؟
لدى ياسر صياد هوايات قليلة من بينها جمع الأعمال الفنية.
لذلك عندما رأي اللوحة، تحمس كثيرًا حتى أنه شهق بصوت عال.


متابعة حلقات الرواية

الانتقام عدالة قاسية ولو بعد حين


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً