الحلقة 54 : التنين يفتح عينيه

0

العزيزية.
بعد رحيل تامر لم يستعجل فارس في اللحاق بكاميليا.
بدلا
القمامة
من ذلك، استدار ونظر خلفه. انتهى عمال النظافة للتو من جمع
وقادوا شاحنتهم بعيدا. رجل يحمل حقيبة أخذ يصرخ في هاتفه. وتحت
مصباح الشارع، تبادل عصفوران الحب بشكل جنوني. في هذه الأثناء. تحت
ناطحات السحاب الشاهقة استمرت المركبات في التدفق عبر الطريق. إنها ليلة
هادئة كالماء الراكد بدا كل شيء طبيعيًا، لكن في الوقت نفسه، لم يكن كذلك.
عبس فارس
عندها تمامًا، رن هاتفه المتصل هو حديد : “أيها المعلم الشاب، يبدو أن حيثيات
تواجدك قد كشفت أحد أفراد العائلة يتحرك ضدك”.
أوما فارس وابتسم ابتسامةً خفيفة، “لم أتوقعهم أن يأتوا بهذه السرعة”.
قال حديد بقلق: “المعلم الشاب ما رأيك أن أرسل فواز شاهين لحمايتك؟
أخشى على سلامتك”.

إلا أن فارس رد بابتسامة غير مبالية . ” لا حاجة لذلك. لم ينجحوا في القضاء
علي قبل عشرة سنوات، ولن ينجحوا في ذلك الآن. لقد جاءوا في الوقت
المناسب. لم أز دقا منذ سنوات عديدة”.
لمعت عينا فارس ببرود التفت فورًا، ودخل إلى الحانة.
لكن بشكل غير متوقع في اللحظة التي دخل فيها فارس إلى الحانة، سمع
الصوت الجليدي لامرأة تتقدم نحوه من الجانب “ها أنت”.
تفضل بالجلوس. أنا أنتظر منذ نصف ساعة”.
كانت امرأة بمكياج ثقيل وشعر طويل، ويمكن اعتبارها جميلة. ساعدت جواربها
الحريرية السوداء في إبراز طول ساقيها الممشوقتين.
نملا يتصرف فارس بتحفظ. إن عرض عليه أحد ما حسن الضيافة فسوف
يستفيد من ذلك بغير تردد.
تكلمت الجميلة ذات الشعر الطويل بنبرة جليدية ممزوجة بالفوقية، كما لو أنها
تسدي لفارس معروفًا كبيرًا بالجلوس معه فقط.
“وقتي محدود، لذلك لن ألف وأدور، وسوف أتطرق إلى الموضوع مباشرة.
“لولا عمي، لما كنت في هذا المكان اليوم، فضلا عن القبول بالجلوس معك”.
“لكن بما أنني أتيت إلى هنا فسوف أكون صريحة معك”.
” أولا، يجب أن يكون زوجي المستقبلي خزيج جامعة مشهورة وناجحًا في
حياته المهنية. يجب أن يكون راتبه السنوي على الأقل نصف مليون. يجب أن
يكون والداه حاصلين على الأقل على الشهادة الثانوية. يجب أن يكون كلاهما
موظفين في مؤسسة أو شركة”.
“ثانيا، يجب أن تمتلك عقارًا في وسط مدينة العزيزية. يجب أن يكون مملوكا
بالكامل ومسجلا باسمي”.
” أيضًا، يجب أن تمتلك سيارة فارهة بقيمة نصف مليون على الأقل. وبعد
زواجنا، يجب أن تشتري لي سيارة مثلها.
“أخيرا، أحب كثيرًا الخروج مع أصدقائي الذكور. لا يجب أن تتدخل في ذلك.
حتى عندما أتزوج، لن أكون ملكا لأحد”.
نظرت ذات الشعر الطويل إلى فارس بملامح مملوءة بالسخرية والازدراء: “هل
تملك كل هذا؟ هل تستطيع تلبية طلباتي؟”.
ظل فارس صامتا واستمر في شرب الشاي.
ضحكت ذات الشعر الطويل ساخرة: “لماذا لا تقول شيئا؟” ثم استمرت “نظرا
لأنك لا تقول شيئا، سوف أجيب نياية عنك”.
“لديك فقط شهادة معهد وولدت في الريف. تعمل الآن في شركة فاشلة تدفع
لك فقط أربعة آلاف وخمسمائة شهريًا. والداك مزارعان. حتى لو بعت كل ما
تملكه، فلن تستطيع تحمل سوى الدفعة الأولى لمنزل في العزيزية. أما بالنسبة
للسيارة الفارهة بقيمة نصف مليون فلا . وجود لها إلا في أحلامك”.
“أنت مجرد فقير ضعيف مفلس وملابسك الرئة لا تؤهلك للجلوس معي. لا
أعرف حظا . أين أتيت بالشجاعة للحضور إلى هذا الاجتماع”.
من
“حتى أنك طلبت من عمي | أن يكون وسيطا بيننا. أنت مجرد قروي صعلوك هل
تظر حقا أنك تستحقني؟”.
ضحكت المرأة ببرود ونظرت إلى فارس باستعلاء امتلأت في داخلها بالاشمئزاز
من الشاب أمامها.
في ظروف اعتيادية، لم تكن لتفكر أصلا في الموافقة على لقاء رجل فقير مثله.
إلا أن هذا الخاطب طلب من والديه أن يلخوا على عمها. فأصرا على هذا
الاجتماع بينها وبين ابنهم.
لذلك تحتم عليها الموافقة لو لم توافق لخاطرت بإحراج عمها. وهذا يفسر
سبب قدومها الليلة.
بعد الإصغاء لكلام المرأة فهم فارس أخيرًا ما القصة.
يبدو أن الجميلة ذات الشعر الطويل أخطأت وظلته الخاطب الذي تنتظرُ
مقابلته.
إلا أن فارس لم يبين لها. بدلا من ذلك ضحك ضحكة خفيفة وقال: “لقد قلت
الكثير من الأشياء. لكن سوف أسألك سؤالا واحدا فقط. هل لازلت عذراء؟”.
” أنا ” جعلها سؤال فارس تحمز. ورغم أن فمها كان مفتوخا، إلا أنها لم تستطع
أن تقول شيئا.
في النهاية تحول الإحراج الذي شعرت به إلى غضب وصرخت في وجه فارس:
“أيها الخنزير الذكوري المتخلف!”.
“أنها الضعيف الفاشل! كيف تجرؤ على أن يكون لديك طلبات؟ إنه شرف هائل
لك فقط أن تتمكن من رؤيتي”.
“أنت أول شخص التقيته يسأل مثل هذا السؤال السخيف خلال مقابلة زواج”.
ضميرها المذنب جعلها تنفجر في وجه فارس
إلا أن فارس تجاهلها وابتسم مع نفسه من ردة فعلها، أدرك أن هذه المرأة ثقيلة
المكياج خبيرة في السرير.
في النهاية زوجتي هي /
الأفضل.
تنهد فارس، وفي هذه اللحظة دخل الحانة رجل أربعيني. نظر حوله لمدة قبل
أن يتجه نحو طاولة فارس. ثم جلس بجانب المرأة ذات الشعر الطويل.
“اغرب عن وجهي!”.
“أيها العجوز المجعد كيف تجرؤ على التحرش بي؟ أيُّها المنحرف كيف تتجراً
على اشتهاء شخص من غير بيئتك؟”. افترضت المرأة ذات الشعر الطويل أن
الرجل الأربعيني يشتهيها ويحاول التغزل بها.
صفعة !
أرسلتها صفعة الرجل بضعة أمتار للخلف. بعد أن اصطدمت بعدد من الطاولات
والكراسي، هبطت أخيرًا ممتدة على الأرض كان فمها مليئا بالدم، لكن في تلك
اللحظة، خافت جدًا لدرجة أنها لم تجرؤ على التحرك فضلا على أن توبخ الذي
اعتدى عليها.
“سيد شداد، أخيرا هدوء”.
“لا أحد يزعجنا الآن”.
جلس الرجل أمام فارس وابتسم غير قبال.
نظر فارس الى الرجل الأربعيني وسكب له كوبًا من الشاي. “ألن تعرفني
بنفسك؟”.
هز الرجل رأسه وأجاب: “لا، لا أظنني بحاجة للتحدث مع رجل ميت”.
وأثناء كلامه، أمعن النظر في الشاب ذو الملابس البسيطة الجالس أمامه، كذئب
يستمتع برؤية فريسته.
ظن أنه سوف يرى الأعز يتملك ،فارس، لكن خاب أمله.
ظل فارس هادئا وتلالات ابتسامة على شفتيه وهو يرتشف الشاي ببطء.
قال فارس وهو يُحاول بدء محادثة مع الغريب: “مم؟ هذه الحانة تقدم شايا
جيدا. لماذا لا تشرب أيضًا؟”.
انزعج الرجل الأربعيني فورًا عندما رأى أنه فشل في زرع الخوف في فريسته.
كانت ضربة كبيرة لكبريائه كقاتل محترف
يقال عن الشخص أن لديه شخصية قائد إن استطاع المحافظة على هدوئه
، عندما يكون قلبه في اضطراب. أصدقك القول، أعجبني هدوئك”.
حتى
“لكن من المؤسف أن ولادتك كانت خطأ من الأساس”.
” ووجودك على قيد الحياة إهانة لعائلة شداد.
“لو حافظت على رأسك مدسوشا في الريف، لقرّر آل شداد توفير حياتك ربما.
لكن رغم حقارتك، قررت السعي وراء أشياء لا ينبغي لمثلك أن يطمح لها”.
“هل تعرف ماذا يحدث للناس الذين يحاولون تناول أكثر مما يستطيعون
مضغه؟”.
” هل تعرف ماذا يحدث للناس الذين ينغمسون في أحلام غير واقعية؟”.
“سوف تعرف الليلة. في هدوء الليل، ابتسم الرجل ابتسامة إجرامية وصدح
صوته العميق ببطء حملت نبرة صوته معها نية قتل مثيرة للرعب.
نبرة صوته المتعالية والرهيبة بدت كما لو أنه حاكم العالم، ولديه سلطة على
حياة الآخرين.
ضحك فارس وسأل: “حقا؟ أنت وأي جيش معك سوف تستطيعون فعل هذا؟”.
تحولت ملامح الزجل إلى البرود فجأة: “أنا لست وحدي. في النهاية، الحذر
يؤتي ثماره” فجأة، لوح بيده نحو النافذة وصاح: “الآن”.
تحظم
فجأة تحطم زجاج الباب والنوافذ.
بعدها ظهر سبعة أشخاص بزي أسود في الحانة فجأة، كما لو أنهم أشباح. برقت
سكاكينهم الهلالية في الضوء، وتحركوا لمحاصرة فارس.
أرعبت التطورات المفاجئة زبائن الحانة، وبدأوا يصرخون مذعورين.
“آه”.
” النجدة! سوف يقتلوننا”.
اختبأت المرأة التي ظنت أن فارس جاء للتعرف عليها في الزاوية وبكت
مرعوبة.
إلا أن فارس ظل هادئا حتى بعد أن حاصرة القتلة.
كبحيرة هادئة تأبى أن تضطرب، حتى وهي تتعرض لعاصفة.
ظل هكذا حتى وصل القتلة بالزي الأسود إليه فجأة اختفت الابتسامة الخافتة
من وجه ،فارس وبرقت عيناه بضوء بارد. رفع كوبة الخزفي ورمى محتوياته
في الهواء.
وشششش
طار الشاي من الكوب سريعا كالبرق
أصبحت أوراق الشاي كأنها سيوف، بينما أصبح الماء حادًا كالشفرة!
دوم دوم دوم
دوت سلسلة
من الضربات؛ تطايز القتلة السبعة في الهواء قبل أن يتسنى لهم أن
يلمسوا فارس حتى اصطدمت أجسادهم بالنوافذ كأنها كرات مدفع، وهبطت
خارج الحانة.
في لمح البصر، سقط الرجال السبعة جميعهم.
صدمت مهارة فارس الإعجازية جميع الناظرين.
دهش جميع من في الحانة، أولئك الذين كانوا يصرخون قبل قليل. أما المرأة
التي ظنت أن فارس جاء لمقابلتها فثبتت نظرها على فراس من غير أن يرمش
لها جفن، كما لو كان شبحًا.
كيف استطاع قذف سبعة رجال ضخام في الهواء بكوب من الشاي فقط؟
هذا الهراء لا يعقل !
هل هو من بني البشر؟
لا بد أنه سوبرمان!
إلى لحظات من الآن لم يكن ليخطر في بالها أبدًا أن تحت مظهره العادي،
سيكون هذا المتقدم للزواج منها رائعًا لهذه الدرجة.
ربما هذا يوم سعدها؟
صمت مطبق. ساد الحانة صمت مطبق.
في تلك اللحظة، عجز جميع من في الحانة عن الكلام.
لو رمى أحد دبوشا لسمع صوته.
واصل فارس جلوسة بثبات. ثم ضحك ضحكة خفيفة وهو يضع الكوب من
یده انكسر الصمت في الغرفة.
نادل صب الشاي مرة أخرى”.
ارتجف النادل وبعد وقت طويل، تلعثم قائلا
“نعم… نعم.. “.


متابعة حلقات الرواية

الانتقام عدالة قاسية ولو بعد حين


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading