الشمول المـالى وإنعكاسة على الوضع الاقتصادي المصـري

د. سعـيد حسانين يكتب:

0

يعرف البنك الدولي الشمول المالي في تقريره الصادر عام 2014، تحت عنوان” تقرير التنمية المالية العالمي Global Financial Development Report ، على أنه: ” نسبة الأشخاص أو الشركات التي تستخدم الخدمات المالية ” .

وكمـا يشيـر الشمـول المـالـي ، حسب التقرير المشترك لصندوق النقد العربي والمجموعة الإستشارية لمساعدة الفقــراء، الصادر في شهر يناير 2017 ، تحت عنوان : ” قياس الشمول المالي في العالم العربي” Financial Inclusion Measurement in the Arab World إلى: ” تمتع الأفراد بما فيهم أصحاب الدخل المنخفض والشركات بما في ذلك أصغرها ، بإمكانية الوصول والإستفادة الفعالة مقابل أسعار معقولة، من مجموعة واسعة من الخدمات المالية الرسمية ذات جودة عالية ( مدفوعات ، تحويلات، إدخار، إئتمان، تأمين ، … الـخ )، والتي يقع توفيرها بطريقة مسؤولة ومستدامة من قبل مجموعة متنوعة من مقدمي الخدمات المالية العاملة في بيئة قانونية وتنظيمية مناسبة”

ويدرج “مركز الشمول المالي”Center for Financial Inclusion رؤيته للشمول المالي بما يلي:

• الوصول إلى تركيبة متكاملة من الخدمات المالية (الإئتمان، المدخرات ، التأمين ، والمدفوعات).

• سهولة الحصول على الخدمات المالية، وتمتعها بالجودة والأسعار المعقولة والمناسبة.

• توفير الحماية اللازمة للمتعاملين، وعدم المساس بكرامتهم.

• وصول الخدمات المالية إلى جميع الأفراد القادرين على إستخدامها، دون إستبعاد أو حرمان لأحد.

• مع إيلاء إهتمام خاص إلى سكان الريف، والنساء، وغيرهم من المجموعات المهمشة.

• توسيع قدرات الأفراد المالية وقابلياتهم، ومساعدتهم على إتخاذ القرارات السليمة بإدارة أموالهم.

• توفير سوق تنافسية، تقدم مجموعة من الخدمات المالية المتنوعة.

• مع وجود بنية مالية تحتية قوية، وإطار قانوني وتنظيمي واضح.

فـوجـــود شمـول مالــي كـامـل يعني أن جميع الأفراد القادرين والراغبين على إستخدام الخدمات المالية، يمكنهم الحصول على توليفة متكاملة منها، بجوده عالية، وبأسعار معقولة مناسبة، وبطريقة ملائمة، مع توفير الحماية اللازمة لهم، والحفاظ على كرامتهم .

ونظـراً لعدم توفر البيانات ذات الموثوقية العالية، إلتي تغطي المكونات الرئيسية لتنمية الشمول المالي

إزداد الإهتمام الدولي بالتركيز على السياسات والمبادرات الخاصة به وأصبح أمراً ضرورياً لتنفيذ هذه السياسات، ورصد تأثير تلك المبادرات فضلاً عن كونها الأساس الذي تستند إليه أهداف الشمول المالي الطموحة فقد وافق قادة مجموعة العشرين في قمة Cannes Summit، على توصية الشراكة العالمية للشمول المالي Global Partnership for Financial Inclusion، لدعم الجهود الخاصة في مجال البيانات الدولية والوطنية للشمول المالي، وفي قمة Los Cabos عام 2012، أقرت مجموعة العشرين “مؤشرات الشمول المالي الأساسية المقدمة من الشراكة العالمية للشمول المالي”

والتي تتناول ثلاث أبعاد رئيسيه للشمول المـالى وهــــي : الوصول إلى الخدمات المالية ، وأستخدام الخدمات المالية، والجودة في إنتاج وتقديم الخدمات .

وبناءً على ما سبق ننظر إلـى الوضع المصـرى فى هذا الصدد نجد أن مصـر تواجه تحدياً اقتصادياً بالغ الأهمية، وهو ضرورة التحول من اقتصاد يعتمد على المدفوعات النقدية، كوسيلة أساسية لتسوية المعاملات المالية والتجارية، إلى نظام حديث يعتمد على التسوية المصرفية والإلكترونية، والتي لا يمثل التعامل النقدي فيها سـوى نسبة صغيرة فقد حولت التطورات الأخيـرة في التكنولوجيا المصرفية الخدمات المصرفية من البنية التحتية التقليدية إلى نظام تستكمله قنوات أخرى، مثل: أجهزة الصراف الآلي (ATM) ، وبطاقات الائتمان ( الخصم )، والمعاملات المالية والخدمات المصرفية عبر الإنترنت … الـــــخ .

ولكــن النقطة المهمة هنـــا، هي أن الوصول إلى هذه التكنولوجيا يقتصر فقط على شرائح معينة من المجتمع، وحيث تُظهر العديد من تقارير الأبحاث والدراسات الإستقصائية بوضوح، أن أعداداً كبيرة من السكان فى مصـر لا تتوفر لهم إمكانية الوصول إلى الخدمات المصرفية والمالية الأساسية، وهذا ليس فقط في الدول النامية ولكن في العالم بأسره، وهذا ما يسمى “بالإستبعاد المالي” حين لا يمكن لهؤلاء الأشخاص، لا سيما أولئك الذين يعيشون على دخول منخفضة، الوصول إلى الخدمات والمنتجات المالية الرئيسية مثل: الحسابات المصرفية التي تُستخدم في سداد المدفوعات، وحفظ الأموال والتحويلات، والإئتمان بأسعار معقولة، والتأمين، والخدمات المالية الأخـــرى.

لذلك تأتي أهمية هذا التحول لجنى ثمار الشمول المالى وإنعكاسه على الوضع الاقتصادى المصرى بالزيادة الحقيقية لمعدلات النمو الاقتصادى بالعمل فى بيئة تتمتع بمناخ مناسب لتنفيذ مفهوم الشمول المالى وتحقيق إبعاده ورؤيته .

فكان لـزاماً للتصدى للإستبعاد المالى تجنب ما يترتب على إستمرار التعامل النقدي من مضار على جهود التنمية الاقتصادية، والتى تتمثل في تشجيع نمو القطاع غير الرسمي، وعدم إستفادة الوحدات الاقتصادية من آليات التمويل المتاحة، وتشجيع التهرب الضريبي، وعدم إستفادة محدودي الدخل من الخدمات المالية والمصرفية الحديثة، وضعف الثقافة الإدخارية والإستثمارية، وتيسير غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وتجارة المخدرات، وغيرها من الأنشطة غير المشروعة .

لذلك فإن التحول إلى نظام المدفوعات المصرفية والإلكترونية، يشجع دخول الأنشطة غير الرسمية في القطاع الرسمي، ويحد من التهرب الضريبي والجمركي، ويساهم في زيادة معدلات الشمول المالي وما يترتب عليه من تحسين الوضع الاقتصادى العام لمصر، وإتاحة الخدمات المالية لكل فئات وطبقات الشعب، ويحسن من كفاءة النظام المالي، كما أنه يساهم في مكافحة الجرائم المالية وما يرتبط بها .

 

بقلم .. الدكتور / سعـيد حسانين الباحث والخبير الاقتصادى بكلية السياسة والاقتصـاد جامعة السويس . وعضو هيئة تدريس


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً