كُتاب

رسائل القوة العظمى الخفية بالطيران المجهول واصطدام السفن وشائعات الغواصات الضائعة في ميزان الردع

في عالم تسيطر عليه توازنات القوة الخفية، لا تُحسم المعارك دائمًا بالتصريحات العلنية أو المواجهات المباشرة، بل أحيانًا تأتي الرسائل الأقوى من خلال أحداث غامضة تحمل دلالات استراتيجية عميقة. فمن الطيران المجهول الذي يقصف أهدافًا محددة دون أن يُرصد على الرادارات، إلى حوادث اصطدام السفن الضخمة التي تثير التساؤلات حول السيطرة البحرية، وصولًا إلى الأنباء المتداولة عن فقدان غواصات في ظروف غامضة، كلها إشارات إلى معركة غير معلنة تدور في الخفاء. هذه التطورات لم تأتِ من فراغ، بل تعكس معادلة ردع متغيرة، حيث تتحرك القوى الكبرى بأساليب غير تقليدية للحفاظ على توازناتها الاستراتيجية، وإرسال رسائل واضحة دون الحاجة إلى إعلان مباشر.

  لغز الجسم غير المرئي واصطدامه بحاملة الطائرات 

 في عالم البحرية الحربية، تُعتبر حاملات الطائرات من أعظم الآلات العسكرية التي تم بناؤها، فهي ليست مجرد سفينة ضخمة، بل منظومة متكاملة تحيط بها عشرات القطع البحرية المختلفة، بدءًا من المدمرات والفرقاطات، وصولًا إلى الغواصات التي تعمل في الخفاء لتوفير الحماية اللازمة لها. ولذلك، عندما نسمع عن حادثة اصطدام جسم مجهول بحاملة طائرات، فإن ذلك يثير تساؤلات خطيرة حول قدرة أنظمة الرصد والدفاع البحري الحديثة

 ما الذي يعنيه اصطدام سفينة تجارية بحاملة طائرات؟

عندما يصطدم جسم بحاملة طائرات، فذلك يحمل دلالات عسكرية وتكنولوجية مثيرة للقلق

 غياب الرصد المبكر:

   عادةً، يتم رصد أي جسم يقترب من حاملة طائرات من مسافة تصل إلى 20 ميلًا بحريًا (حوالي 37 كيلومترًا)، حيث تعمل أنظمة الرادار المتقدمة على تحديد الأجسام الغريبة وتمييزها بين التهديدات المحتملة والأهداف غير العدائية

 فشل أنظمة الاعتراض والتعامل:

   إذا كان الجسم يقترب بسرعة، فمن المفترض أن يتم اعتراضه عند 7 أميال بحرية (حوالي 13 كيلومترًا)، وإذا استمر في التقدم، يتم التعامل معه بوسائل أكثر حدة عند مسافة 3 أميال بحرية (حوالي 5.5 كيلومتر). هذه الإجراءات هي جزء من البروتوكول الأمني الصارم لحماية الحاملة من أي خطر، حتى ولو كان مجرد طائرة مدنية تائهة

 جسم غير مرئي راداريًا:

   الاصطدام الفعلي يعني أن الجسم لم يُرصد نهائيًا، سواء عبر الرادار أو عبر المراقبة البصرية. وهذا يعني أحد أمرين

   – أن الجسم يمتلك قدرة تكنولوجية متقدمة على التخفي عن الرادارات (تقنية الشبحية)

   – أن هناك خللًا أو عجزًا غير مسبوق في أنظمة الرصد والإنذار المبكر للحاملة والقطع المرافقة لها

 ما السيناريوهات المحتملة لهذا الحدث؟

 هناك عدة تفسيرات محتملة لاصطدام جسم بحاملة طائرات دون أن يتم اكتشافه مسبقًا

 تقنيات التخفي الحديثة

   في العصر الحالي، تعمل العديد من الدول على تطوير تقنيات تجعل الطائرات والمركبات غير مرئية للرادارات، مثل استخدام المواد الممتصة للإشعاع الراداري والتصميمات الزاوية التي تقلل من البصمة الرادارية. إذا كان الجسم الذي اصطدم بالحاملة يستخدم مثل هذه التقنيات، فهذا يعني أنه ربما كان مركبة تجريبية أو طائرة مسيّرة متطورة استطاعت تجاوز كل الأنظمة الدفاعية

 هجوم سيبراني على أنظمة الدفاع

   احتمال آخر هو تعرض أنظمة الرادار والاتصالات للحاملة وقطعها المرافقة لهجوم سيبراني تسبب في تعطيلها أو تشويش بياناتها، مما جعل الجسم غير مرئي للأجهزة. في الحروب الحديثة، تُعتبر الهجمات الإلكترونية إحدى أخطر الوسائل لتعطيل الخصوم

 ظاهرة غير تقليدية أو غير معروفة

   رغم أن هذا الاحتمال يبدو بعيدًا، إلا أن بعض التقارير البحرية تحدثت عن ظواهر غريبة تظهر في البحر، مثل الأجسام الطائرة غير المعروفة (UAPs) التي تمتلك خصائص غير مألوفة تجعلها غير مرئية للرادار أو تتحرك بسرعات غير ممكنة فيزيائيًا

 ماذا يعني ذلك استراتيجيًا؟

 إذا كانت حادثة الاصطدام حقيقية، فهي تحمل دلالات خطيرة، منها

  •  وجود ثغرات أمنية خطيرة في أنظمة الكشف والدفاع على أكثر الوحدات العسكرية تطورًا في العالم
  • إمكانية ظهور تقنيات جديدة في ساحة المعركة تجعل حتى الأسلحة الأكثر تطورًا عديمة الجدوى
  • حاجة القوات البحرية إلى إعادة تقييم قدراتها الدفاعية ضد التهديدات المستقبلية التي قد تكون غير تقليدية تمامًا

 حادثة اصطدام جسم غير مرئي بحاملة طائرات ليست مجرد خطأ تكتيكي، بل مؤشر على أن هناك شيئًا غير مفهوم يحدث في عالم التكنولوجيا البحرية والحروب المستقبلية، سواء كان ذلك بسبب تقنيات شبحية متطورة، أو هجومًا إلكترونيًا، أو حتى ظاهرة غير معروفة، فإن الأمر يتطلب تحقيقًا دقيقًا واستجابة فورية لتعزيز الأمن البحري ومنع تكرار مثل هذه الأحداث في المستقبل.

في الأيام الأخيرة، انتشرت شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي تتحدث عن اختفاء غواصات إسرائيلية في لكن لا توجد مصادر رسمية تؤكد ذلك، ورغم تداول هذه الأنباء لم تصدر أي جهة رسمية أو موثوقة بيانًا يؤكد صحة هذه المعلومات، مما تزايدت التكهنات حول مصير الغواصات إسرائيلية، إلا أن غياب الأدلة الرسمية يجعل الأمر في نطاق الشائعات حتى الآن، ولم تصدر إسرائيل أو أي جهة عسكرية دولية تأكيدًا لاختفاء غواصاتها، رغم الضجة التي أثارتها وسائل التواصل الاجتماعي حول الموضوع.

كما أن هذه الأنباء غير المؤكدة تزيد المشهد غموضًا، وتفتح الباب أمام تكهنات عديدة حول ما يجري في الخفاء تحت سطح المياه، وما حدث في ليبيا من ضربات جوية غامضة، لم تُرصد على الرادارات الحديثة، ليس ببعيد عن هذه الديناميكيات. يضاف إلى ذلك حادثة اصطدام سفينة تجارية بحاملة طائرات بالقرب من مدينة بورسعيد، والتي أثارت تساؤلات واسعة حول طبيعة التهديدات البحرية في المنطقة.

نرى كل هذا يحدث عندما تُكشّر مصر عن أنيابها، خاصة عندما يكون هناك تهديد مباشر لأمنها القومي، فمعادلة القوة في المنطقة تتغير سريعًا عندما تشعر القاهرة بالخطر، إذ تتحرك بأساليب غير تقليدية لحماية مصالحها الاستراتيجية، سواء كان ذلك عبر تحركات دبلوماسية قوية أو إجراءات عسكرية معلنة وغير معلنة.

هذه الأحداث المتتالية تشير إلى أن هناك رسائل غير مباشرة تُبعث في أكثر من اتجاه، وتؤكد أن الأمن القومي المصري ليس مجالًا للمساومة، وأن هناك خطوطًا حمراء لا يُسمح بتجاوزها دون رد حاسم، حتى لو كان هذا الرد غير معلن رسميًا.


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

هانى خاطر

د. هاني خاطر حاصل على درجة الدكتوراه في السياحة والفندقة، إضافة إلى بكالوريوس في الصحافة والإعلام، يشغل منصب رئيس الاتحاد الدولي للصحافة العربية وحقوق الإنسان بكندا، و رئيس تحرير موقع الاتحاد الدولي للصحافة العربية وعدد من المواقع الأخرى.هاني خاطر صحفيًا ومؤلفًا ذو خبرة عميقة في مجال الصحافة والإعلام، متخصصًا في تغطية قضايا الفساد وحقوق الإنسان والحريات، يركز في عمله على تسليط الضوء على القضايا المحورية التي تؤثر على العالم العربي، ولا سيما تلك المتعلقة بالعدالة الاجتماعية والحقوق المدنية.على مدار مسيرته المهنية، نشر العديد من المقالات التي تتناول انتهاكات حقوق الإنسان والحريات العامة في بعض الدول العربية، فضلًا عن القضايا المتعلقة بالفساد الكبير، يتميز أسلوبه الكتابي بالجرأة والشفافية، حيث يسعى من خلاله إلى رفع مستوى الوعي وإحداث تغيير إيجابي في المجتمعات.يؤمن هاني خاطر بدور الصحافة كأداة للتغيير، ويعتبرها وسيلة لتعزيز التفكير النقدي ومحاربة الفساد والظلم والانتهاكات، بهدف بناء مجتمع أكثر عدلًا وإنصافًا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading

دعنا نخبر بكل جديد نعــم لا شكراً