في مناسبة الاحتفال بعيد الأب عالميا .. الأب الجامع والجامعة

بقلم : عصام التيجي

0

لطالما ارتبط مفهوم التربية مع وجود المرأة . فعندما نتحدث عن الطفل نتحدث عن الأم مباشرة دون أن نلقي الضوء على دور الأب في بناء شخصية الطفل .

ولاشك ان وجود الأب في حياة الأطفال يعني الحماية والرعاية .. يعني القدوة والسلطة والتكامل الأسري . وعلي الرغم من دور الأم الأساسي في حياة الطفل منذ ولادته إلا أن دور الأب يبقى أهميته من نوع آخر فالحماية والرعاية والإرشاد وحتى الحنان فلهم أشكال مختلفة عند الأب غير الموجودة بالفطرة عند الأم وكلاهما لا يستغني عنهم الأبناء .

هى مقدمة أشبه بحصة مطالعة او موضوع تعبير للتعريف بدور الأب في بناء الأسرة . لكنها من الأهمية لان تقودنا إلى موضوع مقال اليوم .

فإذا كان للأم دور كبير في تنشئة الأبناء خلال المراحل العمرية المختلفة ويتجلى ذلك في الارتباط الوثيق بين الأم ووليدها منذ النشأة الأولى وتعين على ذلك تكريمها وتخصيص عيد لها وهى ما تستحقه بالفعل . فلماذا لم يكن هناك عيد للأب اول مخلوقات الله في السماء وعلى وجه الأرض في شخصية أبو البشر ” آدم ” عليه السلام ومن ضلعه كانت ” حواء ” أم البشر عليها السلام والتكريم ؟

الفكرة موجودة بالفعل والغريب أن الدول الأجنبية سبقتنا فيها بمراحل وأزمة عديدة رغم أن الدول العربية هى أكثر الدول التي ظلت ولاتزال وستظل دائما الحامية لأبنائها بعيدة عن التفكك الأسري حتى وإن وجدت بعض الحالات الفردية التي استدعت انفصال الأب عن الأم لكن يظل الأبناء في عين وقلب آبائهم .. همهم في حياتهم وربما بعد مماتهم فكما يطالعنا الشرع والدين ” إن الأموات يشعرون بفرح أهلهم ويحزنون لمعاصيهم ” .
فالميت يفرح في القبر وسط الأموات إذا فعل ابنه الخيرات وإن كان من الأشرار يخزى ويحزن بين الأموات .

لم نبتعد كثيرا ففي عام ١٩٠٩ ميلادية كانت بداية فكرة تخصيص يوم لتكريم الأب ففي ولاية ميتشيجان بالولايات المتحدة الأمريكية بعد أن استمعت سونورا وليم جاكسون سمارت إلى موعظة دينية في يوم الأم أرادت أن تكرم أباها وليم سمارت الذي ماتت زوجته عام ١٨٩٨ ميلادية وقام بمفرده بتربية أطفاله الستة . فقدمت سونورا عريضة توصي بتخصيص يوم للاحتفال بالأب وأيدت الفكرة بعض الفئات .

وتتويجا لجهود سونورا وليم احتفلت مدينة سبوكين بأول عيد للأب في ١٩ يونيو عام ١٩١٠ م وقد وافق ذلك الأحد الثالث من شهر يونيو وانتشرت هذه العادة فيما بعد بمعظم دول العالم . وبالطبع يقدم الأبناء في هذا اليوم ما يستطيعون من هدايا لأبائهم أسوة بعيد الأم اعترافا بما يقومون به من جهد وتعب لتوفير العيشة الآمنة لأبنائهم .

لكن في بعض البلدان التي يعتنق افرادها المذهب الكاثوليكي فإن الاحتفال بعيد الأب كان منذ القرون الوسطى في التاسع عشر من مارس كل عام حيث يوافق عيد ” القديس يوسف النجار ” وأصبح تقليدا موروثا وخصوصا في أمريكا اللاتينية .
بينما تحتفل به استراليا في يوم الأحد الأول من شهر سبتمبر . إلا أن الأشهر عالميا هو الاحتفال بعيد الأب في ثالث كل أحد من شهر يونيو ومجاذا في ٢١ يونيو كل عام .

وقد وقع الرئيس الامريكي ريتشارد نيكسون في الأول من مايو عام ١٩٧٢ م على الإعلان رقم ٤١٢٧ الذي يقضي باعتبار عيد الاب ” عيدا ووطنيا ” .
ومع أول احتفال رسمي في ١٨ يونيو عام ١٩٧٢ م فرض على كل أمريكي أن يجعل من عيد الأب مناسبة لتجديد الحب والامتنان الذي يحمله لأبنائه .

مر علينا هذا اليوم ولم نجد من يذكرنا إلا القليل بدور الأب العظيم في تنشئة الأسرة وفي حياة الأبناء بصفة خاصة .

  1. تعج صفحات التواصل الاجتماعي بين لحظة وأخرى بأفكار وآراء واهية تافة بل وفي معظم الأحيان بخصوصيات مخلة ولا نجد من يقدم لنا ولو معلومة للوقوف عندها او للفكر والاستبيان وإن كنت لا أنكر دورها في تقديم ما هو مفيد في بعض الأحيان .

كنا نستهين قديما ومازلنا بموضوعات التعبير التي تحدثنا عن موضوعات اجتماعية ووطنية مهمة تنير العقل وتثقل الثقافة والموهبة ومنها دور الأب والأم في حياة الإنسان واليوم هان علينا الحديث عن هذه المناسبة المهمة بالشكل التي يليق بها .

رحمة الله علي كاتبنا الكبير مصطفى أمين الذي سيطرت عليه فكرة الاحتفال بعيد الأب لسنوات طويلة أسوة بفكرته السابقة مع أخيه علي أمين عندما اطلقا سويا عام ١٩٥٥ م فكرة الاحتفال بعيد الأم حتى جاء عام ١٩٨٥ م فكتب في عموده ” فكرة ” بصحيفة أخبار اليوم مقترحا بإقامة عيد للأب وخصص له يوم العاشر من يناير كل عام للاحتفال بعيد الأب . وظهرت الفكرة إلى الوجود في العام التالي وتم لأول مرة في مصر الاحتفال بعيد الأب في ١٠ يناير عام ١٩٨٦ م ولكن الاحتفال بعيد الأب لم يستمر ووأدت الفكرة بعد عامها الأول إذ لم يكن النظام السياسي حينها علي وفاق مع مصطفى أمين الذي كان دائم النقد اللاذع لممارسات الحزب الوطني الحاكم فتم وأد الفكرة وعدم تحفيز الناس على التجاوب معها .

والأن يطالب بعض الكتاب استرجاعها .. ولما لا .. فإن كانت بعض الدول الأخري قد سبقتنا في ذلك فليس من العيب أن نستعيدها خاصة وأن احتفالات المصريين عادة ما تتخذ اشكالا يحتذى بها في مختلف دول العالم فنكهة واحتفالات المصريين لها طعم مختلف

تحية إلى كل أب نستلهمها من احتفالات العالم بعيده .
فالأب هو الجامع لأسرته من شتات الحياة وهو الجامعة التي يتخرج منها الأبن محصنا بالفضيلة والتربية السليمة والفكر المستنير في زمن انهارت فيه القيم والمثل وهانت فيه عزة الرجل و المرأه ركني الحياة الرئيسية التي تبنى علي المبادئ في كل زمان ومكان .

اترك رد