ورطة “نتانياهو”.. إسرائيل بين “مطرقة” التشريعات و”سندان” العنف الداخلي

 كتبت: ياسمين زكى

0

عقب اشتعال مظاهرات شقت الشوارع الهادئة، وعلت فيها هتافات المحتجين وسط شوارع العاصمة التجارية لإسرائيل – تل أبيب – وغيرها من المدن في أنحاء البلاد، إحتجاجًا على ما أُطلق عليه خطط إصلاحية وضعتها حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، وهو الأمر الذى تفاجأ به العالم، ولكنه لم يكن بعيدًا عن مخيلة المتخصصين في الشرق الأوسط.

والمتابعون للشأن الداخلي بإسرائيل؛ حيث جاء إعلان قرار رئيس وزراء الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بإقالة وزير الدفاع يوآف جالانت من منصبه بعد انحيازه للمعارضة، بمنزلة الشرارة التي أشعلت نارًا غالبًا لن تخفت بسرعة، ولكن ما زال بالإمكان إطفاؤها لو تقاربت الأطراف، وتخلى كل معسكر عن عناده. .

الشارع يشتعل؛ تشابكت الأزمة عشية إعلان جالانت انحيازه للمعارضة، ودعا رئيس الوزراء نتنياهو إلى تأجيل طرح تشريعات “التعديلات القضائية” على الكنيست، حتى عودة الكنيست من العطلة في شهر مايو المقبل، وبالتزامن نادي المتظاهرون في شوارع تل أبيب، والقدس المحتلة بإلغاء الإصلاحات، وباستقالة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يقود خصومُه المظاهرات، ووضح جليًا أن المعارضة الشرسة للإصلاحات تجاوزت حدود السياسة، وفلت الزمام، وانتقلت الحلبة إلى الشارع، وأخطر ما في الأمربحسب ما يراه المراقبون حتى الآن، هو انضمام عدد متنام من قوات الاحتياط – العمود الفقري للجيش الإسرائيلي – إلى المتظاهرين، خاصة حين رفضوا تلبية نداءات القادة العسكريين للانضمام للخدمة، مطلقين بذلك صافرات إنذار بأن الأزمة باتت تهدد أمن إسرائيل بشكل واضح، وتنتقص من هيبة الحكومة والجيش معًا.

من جهتهم يرى المحتجون أن هذه الإصلاحات ستقوض ديمقراطية إسرائيل عبر إضعاف نظامها القضائي، حيث إنها تشتمل على تغييرات من شأنها الحد من سلطات المحكمة العليا في إصدار أحكام ضد السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما تريد من خلال هذه التغييرات منح النواب سلطة أكبر في تعيين القضاة في الوقت الحالي، وسابقًا كان يتطلب تعيين القضاة موافقة السياسيين والقضاة أعضاء اللجنة المعنية، ولكن من شأن المقترحات الحالية تغيير ذلك بما يمنح الحكومة نفوذًا أكبر بكثير.

في وقت سابق كان نتنياهو قد مُنع رسميًا من المشاركة في مبادرة التغييرات القضائية؛ لأنه يواجه تهمًا جنائية بالفساد، التي يُنفيها، لكنه قال: إن التغييرات ستعزز ديمقراطية إسرائيل، وتدعم الشركات، كما اتهم وسائل الإعلام والمعارضة بتشويه الخطة، وتأجيج نيران الاحتجاج، لإسقاط حكومته.

نتنياهو يراوغ وحتى لا تتفاقم الأزمة وبشىء من الحكمة تدخل الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، وأجرى مكالمات هاتفية مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وزعماء أحزاب المعارضة يائير لابيد وبيني غانتس، وحثهم على بدء “عملية مفاوضات فورية”، تحت رعاية مكتبه للتوصل إلى اتفاق حل وسط بشأن الإصلاح القضائي, وبعدها توجه نتانياهو بكلمته للشعب الاسرائيلي قائلاً:  قررت تعليق مشاريع القوانين الخاصة بالإصلاحات في المنظومة القضائية، والتأجيل يأتي من منطلق الرغبة في التوصل لتوافق واسع في الآراء.

وصرح نتانياهو أنه جاري النظر في إعادة وزير الدفاع يوآف جالانت وأنهي حديثه: “لست مستعدًا لتفريق الشعب، ودائمًا أنادي إلى الحوار، لسنا أعداء، نحن أخوة، ولست مستعدًا لتقطيع شعبنا إلى أجزاء”.

ولكن يبدو أن عدم تراجع نتانياهو بصورة واضحة سيشعل وقود هذه الانتفاضة، ويوسع دائرة المشاركة فيها، وفي نفس الوقت فإن تراجعه لن ينتهي سوى بهزيمة مشروعه الذي يحمي مستقبله الشخصي في مواجهة مستقبل الدولة، لدرجة اعتبرته المعارضة أنه بات يشكل خطرًا على أمن إسرائيل.

اترك رد