ما تزرعه اليوم تحصده غدا

أ.د إبراهيم درويش يكتب:

0

يقول تعالى (ياليتني قدمت لحياتى) هذه الآية وردت فى آخر سورة الفجر والملاحظ أنها لم تقل ياليتنى قدمت (فى ) حياتى ولكن قال الحق سبحانه ياليتنى قدمت (ل ) حياتى ..

وهذا يلفتنا إلى أن هذه الحياة التى نعيشها هى حياة فانية لا قيمة لها .. لكن فى نفس الوقت هى مزرعة الآخرة التى نقدم فيها الأعمال ونزرع ونغرس فيها .للآخرة والحياة الباقية .

ومن سنن الله فى هذه الحياة الدنيا( كما.تدين .تدان )

وهذه سنة الله فى خلقة ولن تجد لسنة الله تبديلا .. ولن تجد لسنة الله تحويلا..

فما تزرعه اليوم تحصده غدا .. وما تقدمه اليوم ستحاسب عليه غدا …فى نفسك وفى اولادك وفى ذريتك دنيا وآخره

ومن الأمور التى حذر الحق سبحانه وتعالى عباده ( الكبرياء والظلم ). فالكبرياء يؤدى إلى الظلم .فعن أبي هريرة قال : قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : ( قال الله عز وجل : الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، فمن نازعني واحداً منهما قذفته في النار ). والظلم ظلمات يوم القيامة ..عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياكم والظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم، واستحلوا محارمهم ” ولذلك من تكبر أو تجبر سوف يأتى يوم يندم على ذلك فى الدنيا قبل الآخرة ….

البعض قد تغره الدنيا ..وتطغيه النعم .وقد يصاب بالصلف والغرور فيتجبر ويتكبر ..

ويضع نفسه فى مرتبة أعلى من الناس ..فيسخر منهم .. أو يقلل من شأنهم والغرور والتجبر يؤدى إلى الظلم … .

هؤلاء نقول لهم ..لاشىء فى الدنيا يدوم

لاعافية تبقى ..ولا مال ينفع ولا سلطان يدوم ..مااسرع مرور الأيام .. وتبدل الأحوال ..فالطفل يشيب ..واليوم نحن على ظهر الأرض .. وغدا فى ترابها نفنى ونغيب .

كلنا أولاد ادم تفتننا الدنيا ..وتغرنا الأمانى

ومعظمنا يخطىء الطريق وهو يظن أن فى هذا الطريق له منجاه. لكنه بعد فوات الاوان يكتشف أنه يسير عكس الاتجاه ..وقد يعتمد على قريب أو صديق ويظن أنه سنده ومبتاغاه ..

أو يتعلق بصاحب منصب ونفوذ تعلق الواثق أنه يرتكن إلى ركن شديد..ورأى سديد ..ومنه سيتفيد ..

وفى سبيل ذلك يتحول الاعتماد أو التعلق القلبى إلى تقديم البراهين والتنازلات التى لاتتفق مع القيم أو الأعراف…أو الاخلاق وفى سبيل هذه العلاقات قد يتم التغاضي عن الحقوق واللوائح والقوانين ..والتعدى على الحقوق ..

ولذلك من المهم أن يقف الإنسان مع نفسه يؤدبها ..ويقول لها ..

(تعلق الفانى …يفنيه… وتعلق الباقى بالباقى يبقيه ..)

فقد خاب وخسر من باع آخرته بدنياه..ومن ظلم أو تجبر أو تكبر أو سلب أو أعطى حسب هواه أو ظن أنه هو الذى يمنح أو يمنع .. فالله قادر أن يعز من يشاء ويذل من يشاء…. لو شاء لرفع الذليل وذل العزيز

وخاب وخسر من تعلق بالذى يفنى ويموت ويترك الحى الباقى الذى لا يموت ..

لا تتعلق بالإنسان الذى تجرى عليه الاغيار..الذى إذا رضى منحك وأعطاك

واذا غضب ابعدك واقصاك ..

تعلق بالذى بيده مقاليد الأمور وبأمره كل شىء فى الدنيا يدور ..سنة الله وكان أمر الله قدرا مقدورا ..

واتبع وصايا حبيبك المصطفى صلى الله عليه وسلم ..

عن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب -رضي الله تعالى عنهما- قال: كنت خلف النبي ﷺ يوما، فقال: يا غلام، إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، واعلم: أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف.

 

بقلم .. ا.د / ابراهيم درويش وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading