القدر
(الحلقة السابعة)
ذهبت نجاة إلي المدينة الجامعية وأخبرت أحدهم بأنها تنتظر جيد بالخارج فنزل جيد وهو مازال مريضاًولم يمتثل بعد للشفاء فأعطته نسخة من العدد الأسبوعي للجريدة فقرأإسمه تحت قصيدته وأخبرته بأن رئيس التحرير ينتظرك بمكتبه وكان لهذا الخبر السعيدالأثرفي تمام شفائه وقام جيد بوضع الجريدة بلوحة الإعلانات ليراها الجميع وفي الصباح الباكر توجه إليه بصحبة نجاة وكاد أن يطير من فرط سعادته حينما أعطاه فرصة للتدريب هو ونجاة بقسم الأدب
وكانا علي وشك إمتحانات نهاية العام الدراسي الأول وظل جيد يتردد علي منزل عمه بعد سفر نرجس يراجع محاضراته مع نجاة وكان غريب يأتيهم بالفاكهة وما لذ وطاب منتظراً عودة نرجس التي أوحشته كلما دخل غرفته ولم يجدها .
نفذت الطبعة الثانية من ديوان ( أريد ان أرحل ) من المكتبات وبدأت دار النشر في طباعة ثالثة وكانت نجاة قد إنتهت من الإمتحانات وبدأت في كتابة ديوانها الثاني ( ليتني أكون غايتك) التي لاقت إعجاب إبن عمها جيد فهو أول من قرأتها عليه حتي تري ردة فعله ولكنه لم يبوح لها ما يجيش بصدره عندما خفق قلبه وهي تغرد وكاد قلبه ينطق قبل شفتاه وفضَّل أن يحتفظ بالقصيدة فأعطته إياها دون خجل ولما لا فهي قد كتبت من أجله فأخذها لينصرف عائداً إلي قنا…
فتح غريب زنزانته وأمسك بالعقود التي كتبها النرجس وأخذ في البكاء لحال أولاده من بعده فقرر أن يبتاع لهم منزلاً جديداً دون علم زوجته نرجس وكان وقت حصاد المحصول وإذا بالكبير يجلس وسط التجار ولازالت عربات النقل لم تنتهي من عملها وفي نهاية اليوم أعطي سويلم وغريب حقهما ونصيبهما ولما علمت نرجس بأمر بيع المحصول وما حصل عليه زوجها أتت من منزل أمها لترحب به وأخبرته بأنها تخدم أمها المريضة
وقامت وجهزت له العشاء الذي يفضله وقالت له أنا مستنياك هناك بس إتعشي كويس الأول وإبقي حصلني وضحكت له برقاعة فترك العشاء كما هو وخرج خلفها ممنياً نفسه بقضاء ليلة سعيدة وكانت أمها نائمة وما أن وطئت قدماه دار أمها حتي سألته نرجس عن حقه في بيع المحصول فإطمأنت عندما رأتالمبلغ بحوزته وطلبت منه أن يعينها في علاج أمها المريضة وأعطاها ببزخ فخلعت ملابسها قطعة قطعة كما تفعل ممثلات الإغراء في مشاهد بعض الأفلام وكان لغايه يسيل مع كل قطعة تلقيها في وجهه …
وفي الصباح أخبرته بأنها ستعود حينما تشفي أمها فأخذ يدعو لها ولأمها بسرعة الشفاء ..
خرجت خضرة أم جيد لتشتري مايلزمها من سوق قريبة من دار الكبير فإقتربت منها المرأة السوداء وقالت لها إزيك يا خضرة وإزّي بسلامته إبنك جيد ؟ ردت خضرة بخير يااختي الله يسلمك وإنتي إزيك وإزّي بنتك هي عاملة ايه دلوقت ؟
فقالت لها السوداء دي بقت زي الفل وكانوا البعدا عاملين لها عمل لولا صلوحة فكتهولها !! وأردفت قائلة والنبي يا خضرة إبقي سلمي لي علي أم نرجس وقولي لها إني عرفت مكانها ردت خضرة إن شاء آلله هقول لها …
عادت خضرة لتسأل زوجها سويلم عن صلوحة وكان جيد يقرأ قصيدة (ليتني أكون غايتك) فقال لها سويلم أنا أول مرة أسمع إسم الست دي وعمري ماسمعت عنها في الناحية دي فذهبت إلي أم نرجس تخبرها بأمر صلوحة فإدَّعت لها بأنها لا تعرفها ولا حتي المرأة السوداء فأخذت خضرة تصف لها المرأة السوداء حتي تذكرتها وقالت لها أم نرجس آآه إفتكرتها بس أنا مش عارفة هي ساكنة فين ؟ وكنت عاوزة أطمن علي بنتها فقالت لها خضرة خلاص نبقي نروح لها سوا ..
وفي اليوم التالي أتت المرأة السوداء إلي دار الكبير تسأل عن أم نرجس فأخبرتها خضرة بأنها بدارها فخرجت لها أم نرجس وقالت لها وعلي عجَل وقبل أن يراها أحد أدخلي بسرعة وبعد قليل سألتها عن مكان صلوحة فأخبرتها بأنها تعيش في مقابر بقرية بعيدة عن قريتنا فقالت لها أم نرجس نروح لها دلوقت أحسن ولكن المرأة السوداء تعللت بأنها متعبة فقالت لها أم نرجس خلاص يااختي يبقي نروح لها بكرة وعادت أم نرجس وأخبرت إبنتها وهي في سعادة غامرة قائلة خلاص ياستي لقينا صلوحة فإنفرجت أسارير نرجس عندما تلقت الخبر..
أتت المرأة السوداء في الصباح وكانت نرجس تنتظرها علي أحر من الجمر فأيقظت أمها التي خرجت معها دون أن تغسل وجهها وتسندت عكازها فسألتها أم نرجس قائلة هو إحنا هتروح لها مشي ولاّ أيه ؟
ردت السوداء قائلة لازم نروح لها مشي عشان ماحدش يعرف إحنا رايحين فين ولا جايين منين فرضخت أم نرجس وسارت بجانبها وكانت المسافة طويلة فإضطرت أم نرجس أن تستريح قليلاً علي أحد المصاطب حتي وصلت إلي المقابر التي تقطنها صلوحة وكان باب صلوحة شبه مغلق فطرقته أم نرجس ولا مجيب وطرقته مرة أخرى بكلتا يديها
فتحرك الباب قليلاً للداخل فقالت خشي يا سودة شوفيها أكيد سمعانا وتلاقيها مش قادرة تفتح لنا ردت السوداء قائلة لا يااختي أنا خايفة فصاحت عليها أم نرجس من الخارج منادية ياصلوحة ياصلوحة فقالت لها السوداء تبقي مش جوه ردت عليها أم نرجس بعنجهية مش جوه إزاي؟ إوعي كده انتي فدفعت بالباب وما أن دفعته حتي وهي علي رأسها لفافة مهترئة من القماش البالي فسألت السوداء قائلة أيه اللي وقع على راسي ده ؟
ردت السوداء والنبي يااختي ماأعرف!! فمدت أم نرجس يدها وكانت تضع الأخري علي رأسها تتحسس مكان الألم وفتحت اللفافة وهي تتأوه من الألم وفكت رباط اللفافة وإذا بجنين لم يكتمل فقالت السوداء أشتاتاً أشتوت ده عيل سقط فشهقت أم نرجس قائلة روحيني ياسودة روحيني أحسن أنا بموت فضربت السوداء بيديها على صدرها قائلة مالك كفالنا الشر يااست أم نرجس فيكي أيه ؟
ردت أم نرجس قائلة فكي التعبان اللي بيلف علي رقبتي ده فقالت لها السوداء مافيش يااختي لا تعبان ولا حاجة ده بس بيتهيألك فتلون وجه أم نرجس وتحول إلي اللون الأزرق الباهت فخافت السوداء عليها فلمحت أحدهم بركوبة فإستنجدت به فقام بتوصيلهما إلي دار أم نرجس ولما رأتها نرجس علي هذه الحالة سألت السوداء قائلة أيه اللي حصل ؟
فقصت لها ماحدث فنامت أم نرجس علي ظهرها دون حركة وفقدت النطق بعدها وكانت السوداء تأتي كل يوم لتطمئن عليها وكانت نرجس تزورها أحياناً في دارها فقالت السوداء لها أمك ماكانتش مقصودة فسألتها نرجس قائلة يعني أيه ؟
ردت السوداء قائلة ده كان كمين معمول لأي حد بيحاول يسرقها أو يعرف أسرارها وهي كان ليها أعداء كتير وأردفت قائلة واللي حضَّر العفريت ….يصرفه فقالت لها نرجس يبقي لازم نعتر علي صلوحة …
نجحت نجاة وإنتقلت للسنة الثانية بتقدير إمتياز هي وإبن عمها جيد وكانت الجريدة تنشر لهما إبداعاتهما تباعاًعلي صفحة الأدب حتي أصبح إسم نجاة غريب وجيد سويلم يتردد في المنتديات الثقافية حتي إستدعاهما مسئول بالتليفزيون المصري لعمل لقاء معهما مدفوع الأجر وعلي الهواء مباشرة
وكانت المذيعة قد لاحظت الإبتسام علي وجه جيد ولا تراه علي وجه نجاة فقالت لها المذيعة بلغة عامية إضحك زي إبن عمك ياأستاذة نجاة وما كان من نجاة إلا أن قالت إن شاء آلله وكان الكبير يشاهد البرنامج فسأل الحاجة أم غريب قائلاً هي البت دي مابتضحكش ليه؟
ردت الحاجة بعفوية الريف أصلها متربية ومحترمة فقال لها الكبير متربية ومحترمة شيء واللي هي فيه ده شيء تاني وأردف قائلاً لها جهزي نفسك ننزل لهم عشان نشوف مالها
وأتي سويلم وزوجته خضرة فرحين بما حقق جيد ونجاة فسأل الكبير إبنه سويلم قائلاً هي البت نجاة مابتضحكش ليه ؟ ردت خضرة قائلة حزنانة علي أمها ياضنايا فأمرهم بتجهيز حالهم للسفر باكر إلي القاهرة
وبكرة نكمل
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.