
أحد عشر عامًا مرّت، والمعركة لا تزال مفتوحة على مصراعيها، تحالفات تنشأ وتنهار، وخصوم يُعيدون تشكيل أنفسهم في كل منعطف، من عاصفة الحزم إلى الضربات الأمريكية، ما زال السؤال معلقًا: هل اقتربت لحظة الحسم، أم أن اليمن سيظل عالقًا في دائرة الاحتراب الطويل.
في عام 2015، أعلنت السعودية، إلى جانب عدد من الدول العربية، تشكيل تحالف عسكري لضرب مواقع الحوثيين العسكرية والمدنية تحت مسمى “عاصفة الحزم”، بهدف تحرير اليمن وإعادة الشرعية.
كان الاعتقاد السائد حينها أن المهمة ستكون سريعة وحاسمة، بل وصرّح قائد الحملة آنذاك بأن الحسم قد يتم خلال أسبوع، لتعود صنعاء إلى حضن الوطن، وينتهي كل شيء وكأن الحرب لم تكن.
حلم بدا بسيطًا، لكنه اصطدم بواقع معقد وطويل.
مع مرور الجولات الأولى من العمليات، بدأت العديد من الدول المشاركة بالانسحاب، ولم يبقَ في المواجهة سوى السعودية والإمارات، اللتين واصلتا القتال حتى عام 2019. ثم بدأت وتيرة الضربات الجوية تتراجع تدريجيًا، وبدا أن الدولتين تميلان نحو خيار السلم، بعد أن أدركتا أنهما انجرتا إلى صراع قد يتجاوز طاقتهما ويضر بمصالحهما الإستراتيجية، خصوصًا مع التوجه نحو تنمية السياحة وتأمين الحدود، في ظل استمرار الصواريخ الحوثية التي كانت تُصيب العمق السعودي وتكبدهما خسائر جسيمة.
وبالنظر إلى مجريات الأحداث، يمكن القول إن الحوثيين، بطريقة أو بأخرى، نجحوا في الصمود خلال أحد عشر عامًا، ربما لأنهم لم يملكوا ما يخسرونه، وكان يُنظر إليهم على أنهم مجرد مليشيات مسلحة لا تخضع لأي التزامات قانونية أو أخلاقية، وجلّ تركيزهم كان منصبًا على تحقيق أهدافهم، حتى ولو كان ذلك على حساب الوطن والشعب.
وجدت الحكومة اليمنية الشرعية نفسها مجددًا في عزلة، تبحث عن حليف قوي وبعيد جغرافيًا عن مدى نيران الحوثيين.
لم يكن هناك من حليف سيقبل دعم الشرعية ضد الحوثيين ما لم تكن هناك مصلحة مباشرة أو تهديد يطال مصالحه.
لكن ذلك التوازن تغير بعد أن شن الحوثيون سلسلة من الهجمات في البحر الأحمر استهدفت السفن التجارية والملاحة الدولية، ما شكل تهديدًا بالغ الخطورة على الأمن البحري في المنطقة. كان لهذا التصعيد العسكري تأثير كبير، إذ وجد الحوثيون أنفسهم في مواجهة مع القوى الكبرى، وأصبح تهديدهم للبحار الدولية بمثابة ناقوس خطر للعالم.
استغلت الحكومة الشرعية هذا التهديد لطلب التدخل الأمريكي المباشر، معتقدة أن هذا التهديد المشترك سيكون حافزًا قويًا لتقديم الدعم العسكري، وهو ما دفع الولايات المتحدة للتدخل بشكل حاسم، بدءًا من شن ضربات جوية مركزة على مواقع الحوثيين العسكرية والمدنية.
لكن سؤالًا ملحًا يطرح نفسه:
في 15 مارس 2025 بدأت الولايات المتحدة عملياتها العسكرية، فهل ستستمر في هجماتها حتى تحرير صنعاء بالكامل؟ أم أن المشهد سيتكرر، وتصل أمريكا إلى نقطة معينة ثم تتوقف، تاركة الحكومة اليمنية وحدها مجددًا في مواجهة قدرها؟
اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.