وَارْضَ بِمَا قَسَمَ اللهُ لَكَ تَكُنْ أَغْنَى النَّاسِ .. {وفي السماء رزقكم وما توعدون}

أ.د إبراهيم درويش يكتب:

0

يسعى الإنسان المجتهد خاصة فى حياته إلى إثبات ذاته وتحقيق أمنياته ..ويأمل فى أن يكون له عيش رغيد .. ورزق وفير ..فالإنسان خلق للكد والسعى والعمل ..شعاره ..فى ذلك قول الشاعر ..

ولم أجِدِ الإِنسانَ إِلا ابنَ سعيِهِ

فمَن كان أسْعى كان بالمجدِ أجدَرَا

وبالهِمّةِ العَلياءِ يرقى إلى العُلا

فمَن كان أرقَى هِمّةً كان أظهَرَا

وإذا اعتقد واعتمد فى سعيه على الأسباب فقط ونسى مسبب الاسباب …وقدره ومقاديره ….يصيبه الإحباط ..عندما تصادفه الإخفاقات. او يتعثر فى تحقيق بعض أهدافه .. ويعيش فى حالة ضجر .ومهما حقق فى حياته لن يرضى عن حاله أو ذاته …

ولذا قيل ….

على المرءِ أن يسعى ويبذُلَ جهدَه

ويقضي إلهُ الخَلقِ ما كان قاضِيَا

وقال أبو فراس الحمداني في ذلك المعنى:

عليّ طِلابُ العزِّ مِن مُستَقَرِّه

ولا ذنبَ لي إن حارَبَتني المَطالِبُ

ووافقه محمود سامي البارودي فقال:

عليّ طِلابُ العزِّ مِن مُستَقَرِّه

ولا ذنبَ لي إن عارَضَتني المَقادِرُ

ومعنى المقادر: هى مقادير الله تعالى..

ولذلك نقول :

‘اسْتَقْبِلُوا أقْدَاركم بنفسٍ راضية فاللهُ يعلمُ وأنتم لا تعلمون”. فالله يختار لنا الخير دائما …

صحيح أن الإنسان جبل على حب الخير..(وانه لحب الخير لشديد) لكن الايمان يهذب سعى الإنسان ودعائه فالناس حين يدعون المولى من خيره بين صنفين:الصنف الأول

ويتحقق قوله تعالى..(فمن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا وما له في الآخرة من خلاق) والصنف الثانى يتحقق فيهم قوله تعالى (ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار )…فاحذر من الصنف ألاول وفر منه وكن من الصنف الثانى …….

الذى يؤمن إيماناً جازماً بقوله تعالى: (وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ)، وبقوله تعالى: (وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ، فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَاْلأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ)..

الرزق هوَ العطاء والهبة وما ينتفع به الإنسان..أو البشر من الأموال والزروع والتجارة، أو غير ذلك من الماديّات، أو الأمور المعنوية، ولكلّ إنسانٍ رزقٌ مقسومٌ له؛ حيث إنّ الله قد حدّد لكلّ نفسٍ رزقها وأجلها الذي ستموت فيه، فلن تموت نفسٌ إلا بعد أن تستوفي رزقها من الدنيا

والغالبية تعتقد أنَّ الرزقَ محصورٌ فقط في رِزق المال الذى يعتاش منهُ الإنسان، ويقضي بهِ حوائجه، وينتفع بهِ هو وأهله

بينما أنّ أنواع الرزق كثيرة

أهمها رزقُ الإيمان: فالإيمان رزقٌ يؤدّي بصاحبهِ إلى دُخول الجنّة والسعادة في الدُّنيا والآخرة.ورِزق الصحّة والعافية: الصحة هيَ نعمةٌ ورزقٌ لا يملكها كثيرٌ من الناس، ومن كانَ مُعافىً في بدنه فكأنّهُ قد ملكَ الدُنيا بأسرها، فليست نعمةٌ في الدنيا -بعدَ الإيمان بالله- تعدلُ نعمة الصحة والعافية… ورزقُ العِلم والفقه والحِكمة: فالعِلم هو ميراث الأنبياء، و الحِكمة عطاء عظيم؛ فمن أوتي الحكمة فقد أوتيَ خيراً كثيراًوكذلك الفقه والفهم فمن يُرِدِ اللهُ بهِ خيراً يُفقّههُ في الدين. .

والرزق في الابناء والقبول عند الناس..حب الوالدين لك….وتفوقك بتعليمك ووظيفتك

‏‎ومن الرزق أيضاً زوج/ أو زوجة صالحة تستر عيوبك فقد روى عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنّه قال: (الدُّنيا متاعٌ، وخيرُ متاعِ الدُّنيا المرأةُ الصَّالحةُ).

ورزقُ الذريّة الصالحة أو الأبناء … فمن خير ما يتحصّل عليه الإنسان في الدنيا

اولاد نجباء صالحين ورزق محبّة الناس لك

ومن الرزق أيضاً جار تأمنه ويستر مايراه من مجاورتك… وراحة بالك في الدنيا واقتناعك بما وهبك الله من فضله ..والقناعة كنز ، كل ما أتقنتها نعمت براحة البال….ولا يلزم أن تكون وسيمًا لتكون جميلاً….ولا مداحًا لتكون محبوباً

ولا غنيًا لتكون سعيداً…..يكفي أن ترضي ربك…..وهو سيجعلك عند الناس

جميلًا ومحبوباً وسعيداً….لذلك قيل ‏من أعظم أنواع الرزق :….أن يضع الله لك قبولاً في قلب كل من يراك…

‏‎وهذا مايطلق عليه : رزق القَبول رزق الحب

رزق العطاء…ورزق السعادة

ومن أجمل الأرزاق:سكينة الروح ونور العقل وصحة الجسد ..وصفاء القلب وسلامة الفكر…وقيل أيضا دعوة أمك ورضى أبيك

ووجود أخوة وضحكة ابن …واهتمام صديق ودعوة محب لك

والأجمل من هذا رضى الله عنك…..

فإذا أحب الله عبدا نادى على جبريل عليه السلام… فيقول له يا جبريل اني أحببت فلان …فينادي جبريل الملائكة

ويقول لهم ان الله احب فلان ويصير محبوبا في الارض ومقبولا وتيسر كل أموره في الدنيا…

ومن أهم الأمور التى تزيد الأرزاق …

١- الابتعاد عن الذنوب والمعاصي…

تعتبر المعاصي والذُّنوبِ والآثام من أهم الأسباب التي تؤدّي إلى منع الرزق وتأخيره

وخاصة الزنا وما يُقرِّب إليه والفحش في القول أو العمل، فعَن عبد الله بن عمر -رضِيَ اللهُ عنهُ- عن رَسولِ اللهِ -عليهِ الصَّلاة والسَّلامُ- قال: (الزِّنا يورِثُ الفقرَ)،

٢- الاستعانة بالاستغفار والتوبة إلى الله سبحانه وتعالى، يروى ثوبانَ مولى رسولِ الله عن الرَّسولِ -عليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ- أنَّه قال: (إنَّ الرَّجلَ ليُحرمُ الرِّزقَ بالذَّنبِ يُصيبُه)

٣- صلة الرَّحم تجلب الرزق.. فقد روى ابن حبان أنّ النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: (مَن أحَبَّ أنْ يُبسَطَ له في رزقِه ويُنسَأَ له في أجَلِه فلْيتَّقِ اللهَ ولْيصِلْ رحِمَه)

٤- الصدقة تجلب الرزق الصدقة من أهم الأبواب التي تؤدي إلى جلب الرزق وتكثيره وتنميته…

السعيد الحق هو من رضي بما قسم الله له , وصبر لمواقع القضاء خيره وشره … وأحبُّ ما أحبه الله، ورضى بما ارتضاه الله، وأسعد بما اختاره الله….

الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، وبفضله تتنزل الخيرات والبركات وبتوفيقه تتحقق المقاصد والغايات..

بقلم .. ا.د / إبراهيم درويش وكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية

 

اترك رد