محبتنا لابنائنا تصلحهم .. والتدليل الزائد يفسدهم

أ.د إبراهيم درويش يكتب:

0

تختلف صورة العلاقة والسلوك فى المعاملة من الاباء تجاه ابنائهم عن صورة العلاقة وأسلوب تعامل الأبناء تجاه أبائهم فعلاقة وسلوك الأباء مع أبنائهم تحكمها الفطرة التى خلقها الله فى قلوب الأباء تجاه أبنائهم…والتى يولد الانسان بها .. فهو حريص على حفظ نوعه وامتداد نسله. وهذه حكمة إلاهية حتى تعمر الارض ويتحقق مبدأ الخلافة فى الارض…

فعلاقة الأباء مع الأبناء مبنية على المحبة والرعاية والايثار والحفاظ عليهم وبذل الرخيص والغالى من اجل إسعادهم وتلبية طلباتهم حتى آخر العمر ..

أما علاقة الأبناء بالأباء لاتحكمها الفطرة بل تخضع لحسن الأدب والتربية والتدين وطاعة الله والرسول فى تنفيذ الوصايا بالإحسان الى الأباء وبرهم وذلك لفضلهم على الابناء …

ولذلك القرآن الكريم لم يوصى الأباء على الأبناء معتمدا على الفطره التى زرعها الحق سبحانه وتعالى فى قلوب الأباء تجاه أبنائهم .. .لكن كثرت الأيات والأحاديث النبوية التى توصى الأبناء بالأباء و تحض على بر الوالدين والاحسان إليهما .وعدم إهانتم حتى ولو بكلمة( أف ) التى تدل على التافف والضجر من تصرفات الأباء فى كل الظروف حتى لو أشرك الاباء بالله

فقد أوصى القرآن ان نعاملهما بالمعروف . ونقول لهما قولا كريما ..وجعل لبر الوالدين جزاء عظيم فى الدنيا والاخرة..وبر الوالدين وعقوقهما دين يوفى فى الدنيا قبل الاخرة …..

وجعل الله دعوات الوالدين على الأبناء مقبوله ،ولاترد …

ولذلك نقول دائما يابركة دعاء الوالدين ….

والاباء حريصة على إسعاد ابنائهم وتوفير كل متطلباتهم

لكن تكمن المشكلة فى زيادة التدليل والدلع …والذى قد يستقبله بعض الابناء بسوء فهم فيفسدهم .

وينتج ذلك عن ألاتى :

١- الحب الزائدالتى تغلب عليه العاطفة بدون عقل والثقة المطلقة.فى ابنائنا..التى .تجعلنا لانتصور انهم يمكن أن يصدر منهم مايشينهم ونصدقهم فى كل مايقولون ..كأنهم أنبياء لايخطؤون ونكذب ماسواهم ونعادى الجميع من اجلهم لاننا لانريد ان نسمع الا صوتهم ..

٢-ومن التدليل الزائد اننا نهملهم ونتركهم لأصدقاء السوء .والذين يسمعون لهم اكثر من سماعهم لنصائح الاباء لانها على هواهم أما نصائح الاباء ليست على هواهم …

٣- والبعض يصل فى تدليله انه يفضل الولد على البنت او يفضل ابن على اخر …او بنت على أخرى

فمازال فى بعض البيوت يفضل الولد الذكر عن الانثى.و تفرق الاباء فى المعاملة بينهم حتى فى الميراث الشرعى ..وقد تشارك الأم بعاطفتها فى تدليل الولد الذكر على حساب أخته الانثى مع أن الأم انثى ..

وبالتالى الابن الذكر فى عرف والديه لا يُسأل عما يفعل .. بينما البنت تقع تحت المحاسبة

٤- تبرير الاباء ألاخطاء دائما للأبن المدلل خوفا على زعله . ونلتمس للولد الذكر الأعذار ولا نقول له انت مخطئ او هذا لايليق إلى غير ذلك من صور الحب القاتل للرجولة والإحساس بالمسؤولية….

وللأمانة قد تحظى بعض البنات بهذا الدلع والتدليل .. والتى يجعلها لاتعرف ان تستقر فى حياتها ولاتسطيع ان تكون اسرة مستقرة حال زواجها … .ولذلك يجب أن ننبه بأن المحبة واجبة والتدليل والدلع مهم للصحة النفسية.

لكن يجب ان يكون هناك حدود فكل شيء زاد عن حده انقلب إلى ضده،

فهناك امثلة كثيرة لأباء وأمهات بذلوا كل مايستطيعون فى تدليل أبناءهم وإرضائهم حبا بكل وسيلة مشروعة أو ممنوعة لفرط حبهم لابنائهم ومع ذلك تجد النفور من الابناء ومجازاة الإحسان بكل إساءة ووقاحة….

وقد تتطور حالته ويصبح مريض نفسى بسبب التدليل .. ومن علامات هذا المرض والذى يسميه اطباء علم النفس بمتلازمة الاطفال؛ …الغضب الزائد عن الحد..والمتكرر على اتفه الامور

.ويغتر بنفسه فلايقبل اى نصيحة ، وينفصل عن الواقع .ويكون انطوائيا انانيا، يعيش لنفسه، لايشكر من يقدم له مساعدة او اى معروف بل يعتقد ان ذلك واجب عليهم لسيادته ، وعندما يطلب شيئا يكون سيئا فى اسلوب الطلب،

ولا يحترم ابواه -ويتحدث اليهم بنفس لغة الحوار التي يستخدها عند التحدث مع أصدقائه ،

ويفرض رايه وبدلا من يرتفع بهم ومعهم يتعالى ويتكبر عليهم .بقساوة وغلظة، ولا يُظهر أي تعاطف تجاه الآخرين حتى مع الأبوين فى اصعب الاوقات التى يمرون بها ، ويتجاهل مشاعر الآخرين ولا يهتم الا بنفسه … ويستخدم الوالدين لتحقيق رغاباته حتى أنه يضع الوالدين في مواجهة امام بعضهما ويتقرب إلى أحد الابوين الذي يتماشى مع طريقته ورغباته.ويكون طماعا ..مهما اعطيته فهو يطلب المزيد ..ولايقدر قيمة الجهد الذى بذل ابواه من اجله..

فاحذر الدلع المفسد للابن لانك لن تستطيع السيطرة عليه وتوجيهه عندما يكبر الابناء..ويدمر نفسيته ومستقبله على المدى البعيد….

واياك ان تهمل حبك لابنائك فالحب هو العلاج لكل المشاكل يقول الأحنف بن قيس: ( الابناء ثمار قلوبنا وعماد ظهورنا ونحن لهم ارض ذليلة وسماء ظليلة فإن طلبوا فأعطهم وإن غضبوا فأرضهم يمنحونك ودهم ويحبونك جهدهم ولاتكن عليهم ثقيلا فيملوا حياتك ويتمنوا وفاتك )

واستعن بالله بصادق الدعاء….

اللهم احفظ لنا اولادنا و علّم أبنائنا وبناتنا ما جهلوا، وذكّرهم ما نسوا، وافتح عليهم من بركات السماء والأرض إنّك سميع الدعاء، اللهم إنّي أسالك لهم قوة الحفظ، وسُرعة الفهم، وصفاء الذهن، اللهم اجعلهم هُداةً مهتدين.وافتح لهم طُرق الخير، وأرشدهم إلى سُبل الفلاح والفوز في الدنيا والآخرة.

اللهم اهدنا وأبنائنا فيمن هديت وعافنا وإيّاهم فيمن عافيت، وتولّنا وإيّاهم فيمن تولّيت، وقِنا وقهم شرّ ما قضيت، تبارك ربّنا وتعاليت

وارزقنا بر ابنائنا يارب العالمين

بقلم .. ا.د/ إبراهيم درويش أستاذ المحاصيل الحقلية ووكيل كلية الزراعة جامعة المنوفية

 

.


اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك للحصول على أحدث التدوينات في بريدك الإلكتروني.

اترك رد

اكتشاف المزيد من الاتحاد الدولى للصحافة العربية

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading